المسألة الثانية: مسألة التنضيض الحكمي. حقيقة الأمر أن التنضيض الحكمي هي مسألة لا تتعلق فقط بالبنوك الإسلامية، في كل حال نحتاج فيه إلى توزيع أرباح في كل أنواع الشركات. القوانين في العالم الإسلامي كله فيما يخص الشركات المساهمة تعتبر ... وقد أباح هذا المجمع الكريم جواز إصدار الأسهم وأرباح المسؤولية المحدودة وأرباح بيع الأسهم وشرائها بين الناس -تداول الأسهم- بفتاوٍ سابقة، فإذا كان ذلك كذلك فكيف يمكن للشركة المساهمة أن توزع أرباحا وأن تباع الأسهم من شخص لآخر دون أن يكون ذلك قائما على مبدأ التنضيض الحكمي؟ لا يوجد طريقة أخرى إلا التنضيض الحكمي. التنضيض الحكمي هو المبدأ الذي تقوم عليه ميزانية الشركة وحساب أرباحها وخسائرها، الشركة المساهمة بشكل خاص بل كل أنواع الشركات في واقع الأمر حيث ما احتجنا إلى توزيع ربح في شركة ما تزال قائمة نحتاج إلى التنضيض الحكمي. قد يقال – وقد قيل هذا فعلا- إنه يمكن أن نقيم شيئا يشبه التنضيض الحقيقي ولكنه في واقع الأمر –لو سمحتم لي أن أستعمل التعبير- هو تزوير للحقيقة قيلت لعلمائنا الأفاضل فظنوها تنضيضا حقيقيا وهي في واقع الأمر تنضيض حكمي.
فقيل مثلا في بعض المؤسسات المالية الإسلامية، قيل: إننا في آخر كل سنة نبيع كل موجوداتنا لشركة جديدة مؤلفة من الأشخاص، يعني اليوم ٣١ ديسمبر نبيع كل هذه الموجودات بقيمتها الدفترية أو بالقيمة التي يسعرها بها المحاسبون، نبيعها للشركة الجديدة التي تفترض أنها تقوم في اليوم التالي من نفس الأشخاص الذين كانوا معنا في الليلة السابقة. هذا تنضيض وهمي، هذا ليس تنضيضا حقيقيا هذا تنضيض حكمي؛ لأن التسعير فيه هو نفس التسعير الذي يقوم عليه التنضيض الحكمي والذي تقوم عليه الميزانية وهو نفس التسعير ولنفس الأشخاص لم نغير شيئا إلا توهيم أهل العلم بأنه تنضيض حقيقي وأنه قد جرى البيع. وواقع الأمر أنه لم يجر بيع. فأرجو أن ينظر إلى مسألة التنضيض الحكمي بنظر جدي؛ لأنها لا تتعلق فقط بالمصارف الإسلامية أو بالودائع الاستثمارية بل تتعلق بكل الشركات الإسلامية وبنظام العمل في الواقع المعاصر.