تأتي بعد ذلك الودائع، الذي أعرفه من كتاب الله وسنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن كلمة الوديعة هي أمانة، ومعنى أمانة أنا إذا أعطيت مبلغا من المال لإنسان، وقلت له: خذ هذا المال ليكون أمانة عندك، في هذه الحالة سواء أكان بنكا أم إنسان أم مؤسسة من حق الذي أودعت عنده أن يقول لك: أعطني مبلغا كذا لأنني أنا ضامن لهذا المال. يبقى الواضح في هذه الحالة لا يجوز لمن أودع ماله عند مصرف أو بنك أو كذا أو كذا وقصده أن يحفظه له البنك لا يجوز له أن يأخذ شيئا بل عليه هو أن يدفع للمودع عنده؛ لأن المودع عنده قد ضمن ذلك.
هذه هي القواعد العامة.
يأتي بعد ذلك الاستثمار، فرق بين القرض وبين الدين وبين الوديعة وبين الاستثمار.
الاستثمار هو أن آتي إلى إنسان فأقول له أنا مفت شرعي وقبل أن أكون مفتيا شرعا عملت في الجامعة لمدة عشرين سنة ومعي مبلغ من المال، ولكني لا أحسن التجارة وليس عندي الوقت، فخذ هذا المال واستثمره لي وأنت وكيل عني وكالة مطلقة، أتحبسني في المضاربة وفي المضاربة لماذا؟ أنا أمامي عشرون معاملة. أنا أتعامل بالوكالة المطلقة خذ هذا المال وأنت وكيل عني وكالة مطلقة في أن تستثمره لي فيما أحل الله، وما تعطيه لي من أرباح فأنا راض بها. والمسألة في غاية الوضوح. إذن في هذه الحالة فرق كبير بين القرض وبين الوديعة وبين الاستثمار، والأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى.
من نوى القرض ففي هذه الحالة لا يأخذ سوى رأس ماله، ومن نوى الوديعة في هذه الحالة يدفع للمودع عنده أجرة الحراسة، ومن نوى الاستثمار في هذه الحالة له أن يتخذ طرق الاستثمار التي أحلها الله، سواء أكانت عن طريق البيع، أو عن طريق الشراء، وعن طريق الوكالة، أو عن طريق المشاركة، أو المرابحة، أو الإجارة، عن أي طريق من الطرق التي أحلها الله ولا تحبسني في معاملات معينة. وإنما أنا أقول: كل معاملة خلت من الغش وخلت من الربا. نحن نقول، الذي أفتي به في مصر، الذي أفتي به، هو ماذا؟ كل من يستحل التعامل بالربا فهو مرتد عن الإسلام وإذا كان متزوجا تطلق منه زوجته ولا يدفن في مقابر المسلمين. هذا هو الحكم الشرعي في الربا، ولا يدفن في مقابر المسلمين. المشكلة لا بد أن تحدد المسائل، ففيما يتعلق بالقروض والودائع والودائع والاستثمار فلكل لفظ معناه الخاص به والذي يجب أن نفرق بينه وبين غيره.