هذا هو المعنى الواضح لمعنى كلمة (القرض) ، هذا هو المعنى الواضح الذي ورد في القرآن الكريم، وورد أيضا في السنة المطهرة، ودعا إليه سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقال: ((من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة)) .
وبلغ من حرص سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على أن ييسر الميسور على المعسر أنه عليه الصلاة والسلام قال ((كل قرض صدقة)) ، أي كل قرض يقرضه الإنسان لغيره له ثواب مثل ثواب الصدقة. والديون لها هذا المعنى تقريبا وإن كان لفظ الدين أعم من لفظ القرض؛ لأن الدين كل ما ثبت في الذمة. فمثلا، الصداق المتأخر في ذمتي لزوجتي دينا ولا يسمى قرضا. لكن على أية حال الفرق سهل، لكن السؤال: متى يجوز للإنسان أن يستدين أو يقترض؟ هذه هي المسألة. الذي أعلمه من كتاب الله ومن سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه لا يجوز للإنسان أن يمد يده بالسؤال لغيره إلا من أجل ضرورات الحياة. إذا لم يأخذ هذا المال تتعرض حياته للخطر، هنا يجوز له أن يسأل غيره أو أن يقترض من غيره، وسيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بين ذلك بقوله وعمله، واستعاذ من الديون واستعاذ من القروض، وبلغ من حرصه عليه الصلاة والسلام أنه عندما سأله سائل: يا رسول الله أأقترض للحج؟ الرسول (صلى الله عليه وسلم) لم يرض بذلك، وقال له:((لا)) إذن لا يجوز للإنسان أن يقترض من غيره، سواء أكان هذا الغير إنسان أو بنكا أو مؤسسة إلا من أجل ضرورات الحياة. فإذا أنا مددت يدي بالسؤال إلى غيري وقلت له: من فضلك أعطني عشرة ريالات وفي جيبي العشرة ريالات أكون كذابا ولا أكون مسلما كامل الإسلام، والرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح –عندما سأله سيدنا قبيصة- وأمامي الحديث وهو في صحيح مسلم قال له:((يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة، رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة ورجل أصابته جائحة ورجل أصابته فاقة)) . إذن، نريد أن نضبط الألفاظ، قبل أن تسألني، أنا عندما أقترض أو أنت، فأنت تقترض لماذا؟ لماذا تمد يدك بالسؤال إلى غيرك؟ لماذا تقترض؟ إن كنت تقترض من أجل ضرورات الحياة تنطبق عليك قول الله –عز وجل- {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ}[البقرة: ١٧٣] إن كنت تأخذ مالا من غيرك من أجل أن تستثمره وتربح وهذا الغير قال لك: أعطني جزءا من ربحك نظير أنك أنت انتفعت بمالي، يقال في هذه الحالة: أعطه جزءا من هذا الربح، وإن وجدت أن ما يطلبه منك أكثر من ربحك المتوقع ابتعد وقل: اللهم أبعدني عن ذلك وينتهي الإشكال. إذن لا يجوز للإنسان أن يقرض أو يستدين إلا من أجل ضرورات الحياة، وكل معاملة تتم عن طريق القروض أو الديون لا يصح –بأي حال من الأحوال وبأي وسيلة من الوسائل- لصاحب المال أن يأخذ أكثر من حقه بأية صورة من الصور هذا ما أفهمه فيما يتعلق بالقروض والديون.