شكرا يا سيادة الرئيس، وأنا شخصيا سيكون كلامي محددا وسيكون في الكليات وليس في الجزئيات. وأبني كلامي على حكم تعلمتها, ومنها أن كل عالم في فن هو تلميذ على غيره في فن آخر , وأن الإنسان يتحدث على حسب تخصصه وعلى حسب علمه امتثالا لقول الله عز وجل:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}[النحل:٤٣] . وأنا شخصيا خلال قراءاتي للمعاملات في الإسلام وخلال عملي وجدت أن المعاملات في الإسلام تمتاز بالوضوح والصراحة والمكاشفة, كما أن الناس في كل زمان ومكان لا يستغنون عن التعامل فيما بينهم والأمر كما قال الشاعر:
الناس بالناس من بدو وحاضرة
بعض لبعض وإن لم يشعروا خدمُ
الحقيقة الثانية: أن شريعة الإسلام لم تقصر المعاملات على واحدة أو على اثنتين أو على ثلاث معاملات وإنما أنا بقراءاتي وباطلاعي وجدت أكثر من عشرين معاملة، منها: البيع، والشراء، والوكالة، والمضاربة، والمرابحة، والمشاركة، والمزارعة، والمساقاة، والسلم، والجعالة، والإقالة، والصلح، والرهن. وتمتاز شريعة الإسلام بأن لكل معاملة خصائصها، وشروطها، ولا تختلط معاملة مع معاملة، وإنما كل معاملة لها خصائصها ولها شروطها التي تميزها عن غيرها. هذه حقيقة لا أظن أن عاقلا يجادل فيها. وأن المعاملات في الإسلام لا تفرق بين مسلم وغير مسلم، وإنما الغش حرام مع المسلم ومع غير المسلم، الظلم حرام مع المسلم ومع غير المسلم، وهكذا.
حقيقة ثالثة: وهي أن من المتفق عليه عند العقلاء أن فهم الأمور فهما سليما يؤدي إلى الحكم الصحيح عليها، وتحرير محل النزاع –كما يقول العلماء- يؤدي إلى حسن الاقتناع، وذلك لأن الألفاظ متى حددت معانيها والقضايا متى وضحت معالمها سهل الوصول إلى الاتفاق بين المختلفين. لذا، فأنا يعجبني قول بعض العلماء: لم يكن اختلاف الناس في الرأي واختلافهم في تطبيقه إلا وليد الاختلاف في تحديد مفاهيم الأشياء.
بناء على ذلك أتطرق إلى الحقيقة الرابعة وهي أن القروض لغة وشرعا لها معنى محدد. والودائع لغة وشرعا لها معنى واحد. الاستثمار من حيث اللغة ومن حيث الشرع له معنى محدد. والخلط بين الألفاظ هو الذي يؤدي إلى البلبلة وإلى الاضطراب. لفظ القروض ورد في القرآن الكريم وورد في آيات متعددة، قال تعالى:{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا}[البقرة:] والمعروف أن المقصود بالقرض الحسن: أن يعطي الغني للفقير شيئا من ماله القرض بمعناه العام إذا لم يطلق عليه قرضا حسنا ففي هذه الحالة معروف بالآتي: أن يأخذ الإنسان من غيره مبلغا ثم يرده إليه عندما ييسر الخالق –عز وجل- له.