للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنهج الإسلامي في الاستثمار:

يتحدث الاقتصاديون المسلمون عن الاستثمار بمعنييه الاقتصادي والمالي. وقد نجد أحدهم ينتقل أحياناً من معنى إلى آخر دون أن يلاحظ أنه يفعل ذلك.

فالاستثمار هو زيادة في الطاقة الإنتاجية –للفرد وللمجتمع معاً- يمكن معها زيادة الإنتاج. ومثاله فعل الرسول صلى الله عليه وسلم مع ذلك السائل، صاحب الحلس والقعب حيث أمره بشراء أداة استثمارية، هي القدوم، وبالعمل عليها في الاحتطاب. وكذلك فعله عليه الصلاة والسلام مع الزبير بن العوام بإعطائه أرضاً لم تكن مزروعة، ليجري فيها الماء، ويزرعها. فشراء الآلة واستصلاح الأرض للزراعة أو زرعها عمليات استثمارية تزيد الطاقة الإنتاجية.

والإسلام إذ يشجع على الاستثمار، ويحث عليه، ويؤكد على التربية الروحية والنفسية والأخلاقية، التي تزيد في كفاءة الإنسان، وقدراته الإنتاجية، فلا يكون كلًّا، عاجزاً، لا يقدر على شيء، يضع أيضاً الضوابط القسط للاستثمار.

فيمنع أولاً الاستثمار فيما يؤدي إلى الحرام، فيحرم الاستثمار في إنتاج الخبائث من السلع والخدمات الضارة، كالخمر والمخدرات، والزنا وما يروجه. ويمنع ثانياً أن يترافق الاستثمار بأساليب محرمة كالرشوة، والكذب، والغش، والخداع، ويحذر ثالثاً من الإسراف والإتلاف وإضاعة الموارد.

ومن جهة أخرى، فإن الإسلام يشجع الاستثمار في إنتاج الطيبات، ويدعو الأفراد إلى المراعاة العامة لأولويات الأمة ومصالحها؛ لأن الاهتمام بأمور المسلمين واجب على المسلم في كل أموره، وأحواله.

والإسلام إنما يشجع الاستثمار؛ لأنه نشاط إنساني مفيد، يؤدي إلى زيادة الطيبات والخيرات، كما يؤدي إلى زيادة إعمار الأرض، وتحسينها وتجميلها.

وثمة مسألتان ينبغي إثارتهما هنا، تتعلقان بعملية زيادة الطاقة الإنتاجية، أو الاستثمار، وهما مسألة العبث، ومسألة الآثار الجانبية للاستثمار.

علاقة العبث بالاستثمار:

إن المنهج الإسلامي في الاستثمار يهدف إلى الاستزادة من الطيبات، وإعمار الأرض، والانتفاع بمواردها. ولكن هل يقبل الشرع الحنيف العمل الذي لا يهدف إلى مصلحة أو نفع؟ وهل يمكن أن تسخر لمثل هذا العمل العابث الموارد وتجند من أجله الطاقات؟ ولنأخذ على ذلك مثالاً، حفر حفرة ثم ملؤها بما أخرج منها من تراب، دون أن يكون لهذا العمل أي هدف من مصلحة أو نفع أو إحسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>