والآثار الجانبية لكل عملية إنتاجية يمكن تقسيمها إلى نوعين:
١- الآثار التي يمكن لنظام السوق –في ظل إطار قانوني معين- أن يجعل المنتج يتحمل ثمنها. مثال ذلك المواد الأولية والمساعدة التي تستهلكها العملية الإنتاجية، فإن في استهلاكها إنقاصاً للموجود منها في السوق، ولكن هذا مما يدفع المنتج ثمنه، فيعمد إلى إدخال ذلك ضمن تكلفة الإنتاج، وبالتالي ضمن السعر الذي يراه لمبيعاته. ويتضمن هذا النوع من الآثار الجانبية أيضاً كل ما يستطيع المجتمع تحميله للمنتج من خلال إعادة تنظيم العلاقات القانونية لعملية الإنتاج. كأن يحمل المنتج تكاليف تنقية التلوث الذي يحدثه بعمله في الماء والهواء، بأن يفرض عليه استعمال أجهزة التنقية والتنظيف اللازمة قبل إخراج الماء والأبخرة والغازات من مسار العملية الإنتاجية.
٢- أما النوع الثاني من الآثار الجانبية فهو تلك الآثار التي لا يمكن تحميلها للمنتج، إما لعدم العلم بها عند الإنتاج نحو ما يكتشف بعد زمن طويل من آثار صحية أو بيئية، كما حصل بشأن مادة الإسبزتوس، وإما لعدم القدرة على تقدير ثمن تلك الآثار بسبب طبيعتها بحيث لا يمكن موضوعيًّا تقدير ثمنها. وهذا النوع من الآثار الجانبية يحتاج إلى قرار اجتماعي يتعلق بالأولويات الإنسانية لتحديد من الذي يتحمل عبء هذا النوع من الآثار، وبأية وسيلة.
مثال ذلك مصلحة الأجيال المستقبلية من المجتمع عندما تنصب عملية الإنتاج على مورد طبيعي قابل للنضوب، كالمعادن الدفينة في الأرض. وقد يكون سبب عدم تقدير ثمن هذه الآثار الجانبية عجز القرار الاجتماعي نفسه عن تحميل المنتج ثمن تلك الآثار، كما حصل في مسألة دفن النفايات النووية في بعض البلدان الفقيرة.
إن النوع الثاني من الآثار الجانبية للاستثمار يشمل كثيراً من التغييرات في البيئة الطبيعية والأخلاقية والاجتماعية والنفسية مما يحتاج إلى التنبه له وأخذه في الحسبان عند دراسة المنهج الإسلامي في الاستثمار وتحديد ما يطيب منه وما لا يطيب.