ومن أخطر ما توصلوا إليه اكتشافهم العضو الذي يقع من أعضاء الجسم وأجهزته المختلفة في مركز القائد المتحكم، الذي يعتبر صلاحه شرطًا لتمكن أي عضو آخر من القيام بوظيفته، ألا وهو المخ؛ فقد أفادوا أنه ما من عملية إرادية يقوم بها أي عضو من أعضاء الجسم، إلا كان مصدرها نشاطًا معينًا يقوم به الدماغ. وأنه هو الأساس في كل ذلك. وأن أي تلف جزئي فيه يقابله عجز أو تلف في أعضاء وأجهزة معينة. وأن عجزه الكامل سبب حتمي لعجز بقية الجسد عن القيام بجميع وظائفه الإرادية.
كذلك أفادوا أنهم يستطيعون بواسطة الأجهزة الحديثة تشخيص حالة هذا العضو الرئيس إجمالًا وتفصيلًا، وتحديد مدى قدرته على مزاولة نشاطاته وإدراك نوعية عجزه، وتحديد ما إذا كان هذا العجز مستمرًا أو غير مستمر، قابلًا للعلاج أو غير قابل، وبالتالي تحديد حالة الجسد الإنسان ومدى قدرته على القيام بالأعمال الإرادية.
ومن أخطر ما أنجزوه تمكنهم من المحافظة على أصل الحياة (أو الحياة الخلوية) في أعضاء الجسد الإنساني، وهي في معزل عنه وعن المخ وعن الروح المتعلقة به، ونقل هذه الأعضاء من جسد إلى جسد آخر.
ثالثًا- محصلة الجمع بين الدورين:-
الذي يغلب على الظن بالنظر فيما توصل إليه علماء الإسلام من نتائج، وما توصل إليه أهل الاختصاص من الأطباء، أنه ليس بينهما أي تناقض، وأن دور كل منهما مكمل للآخر على طريق البحث عن جواب السؤال المطروح: متى تنتهي حياة الإنسان؟
نعم قد يقع باحث متعجل يلتقط من ظواهر الأمور، ولا يغوص في أعماقها، قد يقع مثل هذا الباحث في ظن التناقض بين الطرفين فيما قدماه من تصور حول نهاية الحياة الإنسانية.
فقد يظن أن علماء الشريعة قد نسبوا إلى الروح من الوظائف والأنشطة ما يشبه إلى حد كبير، ما اكتشفه أهل الاختصاص أنه من وظائف المخ وأعماله. وأنهم أطلقوا الروح على عضو حسي يخضع للاختبار والتشريح والملاحظة في عرف أهل الطب، في الوقت الذي جزموا فيه أنا لروح لا يمكن أن تكون جسمًا ماديًا، وأن هذا الخطأ إنما وقعوا فيه بحكم وجودهم في عصر من التاريخ لم يكن علم الطب فيه متقدمًا كما هي حاله الآن.