يقول فضيلة الدكتور عبد الستار أبو غدة: وأول ما تجب مراعاته هو الغرض الأصلي من الشركة، فإن كان غرض الشركة الأصلي حراماً مثل البنوك الربوية وشركات التأمين التقليدية وشركات إنتاج الخمور ولحم الخنزير ومشتقاتها، وشركات إدارات صالات القمار ودور الخلاعة نحوها، فهذه لا يجوز تملك أسهمها ولا تداولها ببيع أو شراء أو وساطة، وإن كان غرض الشركة الأصلي مباحاً مثل شركات التجارة في المباحات أو صناعتها أو زراعتها أو تسويقها أو الخدمات المتعلقة بذلك فهذه الشركات تختلف حكمها عما كان غرضها الأصلي حراماً. وإن كان يقع من هذه الشركات الاقتراض من البنوك الربوية أو الإيداع لديها بالفائدة. ومن هنا فلا ينبغي أن يسوغ بينها وبين الشركات التي غرضها الأصلي المراباة، أو التأمين التجاري، أو مزاولة الأنشطة المحرمة؛ لأن محل تصرف تلك الشركات غير مشروع أصلاً. أما الشركات ذات الغرض المباح التي تودع أو التي تقترض بالربا فإن محل التصرف فيها معتبر شرعاً وهو التجارة في المباحات لكن وقع منها تصرف جانبي دخيل على غرضها وهو الإيداع أو الاقتراض بفائدة، وهو قابل للفصل عن أنشطتها بإلغاء الاتفاق الربوي أو إبطال آثاره، وتصحيح نتائجه بالتخلص من عائد تلك الملابسات المحرمة. وقد صرح بعض الفقهاء بالتفرقة بين المتاجرة بالخمر وبين التعامل بالربا حيث أثارهما، حيث تعلق الحكم برأس المال والربح في المتاجرة بالخمر، وبالربح –الفائدة فقط- في التعامل بالربا، كما ذكر في ذلك مرجعاً وهو شرحا الزرقاني لمختصر خليل.
إن هذه الشركات التي غرضها الأساسي مشروع والمحل الأصلي للتصرف فيها معتبر شرعاً ولكن وقعت فيها تصرفات جانبية هي الإيداع أو الاقتراض بفائدة يجوز الإسهام فيها حسب ما انتهى إليه عدد غفير من الفقهاء المعاصرين وكثير من هيئات الفتوى في المؤسسات المالية وخارجها. وهذا يكشف عن إدراك الطبيعة الخاصة للشركات المساهمة وتمييز الفرق بين ما غرضه الأصلي محرم وبين ما غرضه الأصلي مباح مع التصرف الجانبي المحرم، ولا بد من الإشارة إلى الخلاف الواقع في هذا النوع الأخير إلى درجة إرجاء البت فيه وبقائه معلقاً على جدول دورات مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة فقد جاء في توصيات ندوة الأسواق المالية بالرباط التي أقامها مجمع الفقه الإسلامي بالتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية: إن تملك أسهم الشركات التي يكون غرضها التعامل والصناعات المحرمة والمتاجرة بالمواد الحرام غير جائز شرعاً، ولو كان ذلك التملك عابراً ولفترة لا تسمح بتحقيق الأرباح الناتجة عن ذلك النشاط. أما تملك أو تداول أسهم الشركات التي غرضها الأساسي حلال، لكنها تتعامل أحياناً بالربا باقتراض الأموال أو إيداعها بفائدة فإنه جائز نظراً لمشروعية غرضها مع حرمة الإقراض والاقتراض الربوي ووجوب تغيير ذلك والإنكار والاعتراض على القائم به. ويجب على المساهم عند أخذ ريع السهم التخلص عما يظن أنه يعادل ما نشأ من التعامل بالفائدة لصرفه في وجوه الخير.