والمبرر الفقهي لذلك عدة أدلة في نظري قد تكون أدلة، وفي نظر البعض قد لا تكون ذلك، ونحن نعرض هذه المسائل –إن شاء الله- لينكشف الحق –بإذن الله تعالى- أو لينكشف ما هو الظاهر والراجح ولا نريد من ذلك فرض رأي أبداً على شخص ولا على أي جهة. نعتقد أن هناك أدلة عامة منها: رعاية الضرورة، ورعاية الحاجة، ورعاية مقاصد الشريعة في أسلمة هذه الشركات التي هي العمود الفقري ولو ترك المسلمون الطيبون المساهمة فيها لأصبحت هذه الشركات يمتلكها الفسقة والفجرة وغير المسلمين، ولا سيما في وقتنا الحاضر التي لا تخلو هذه الشركات والتي تسمى بالشركات الوطنية القومية التي تمسك بالعمود الفقري لاقتصادنا الوطني هذه الشركات في معظمها لا تخلو من هذه الشبهات أو من بعض المحرمات، فلو تركها المسلمون الطيبون لأصبحت هذه الشركات الأساسية ملكاً لهؤلاء، بل يجب علينا أن نبحث وأن نبذل كل جهدنا لأسلمة هذه الشركات ولكن كيف نحن نؤسلمها ونحن نكون خارجين عن نطاق هذه الشركات؟ ولأجل أيضاً كذلك رعاية العرف والحاجة أجاز فقهاء الحنفية بيع الوفاء، ويقول السيوطي وابن نجيم: إن الحاجة تنزل منزلة الضرورة. وأيضاً من جانب آخر خلاصة هذا الرأي تقوم على التفرقة بين المباشر للحرام المتمثل في مجلس الإدارة، هؤلاء الإداريون ومجلس الإدارة آثمون ولكن هناك فرقاً بين هؤلاء المباشرين للحرام وبين المساهمين الذي هم غير راضين عن ذلك أو بعبارة أخرى أن هؤلاء الوكلاء يرتكبون محرمات دون رضا المساهمين.
وأيضاً من جانب آخر إن هذه الأموال ما هي إلا أموال مختلفة معظمها حلال وبعضها حرام، وشراء سهم من هذه الأموال كأنك تعاملت مع شخص معظم أمواله حلال وبعض أمواله حرام، وهذا جائز عند المذاهب الأربعة وإليكم إذا سمح المجال بعض النقول من المذاهب الأربعة:
أولاً: اختلاط جزء محرم لا يجعل مجموع المال محرماً عن الكثيرين، حيث أجازوا في المال الحلال المختلط بقليل من الحرام التصرفات الشرعية من التملك والأكل والبيع والشراء ونحوها، غير أن الفقهاء فرقوا بين ما هو محرم لذاته وما هو محرم لغيره كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: إن الحرام نوعان، ولا أود أن أذكر النصوص؛ لأنها موجودة في بحثي.
ثانياً: قاعدة فقهية معتبرة (يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً) وقد ذكرنا هذه القاعدة مع دليلها من السنة الصحيحة المتفق عليها في بداية بحثي.
وعلى ضوء ذلك فهذا النوع من الأسهم وإن كان فيه نسبة بسيطة من الحرام لكنها جاءت تبعاً، وليست أصلاً مقصوداً بالتملك، والتصرف، فما دامت أغراض الشركة مباحة وهي أنشئت لأجل مزاولة نشاطات مباحة، غير أنها قد تدفعها السيولة أو نحوها إلى إيداع بعض أموالها في البنوك الربوية أو الاقتراض منها.