بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد،
فقد قسم أخي الدكتور علي محي الدين القره داغي الشركات إلى قسمين،
فقال:
القسم الأول: يقوم غرضه على الحلال المباح وهو جائز ولا خلاف فيه.
والقسم الثاني أسهم لم تتوفر فيها الشروط السابقة، وإنما هي أسهم لشركات قد تودع في بعض الأحيان بعض نقودها في البنوك بفائدة أو تقترض منها بفائدة أو قد تكون نسبة قليلة من معاملاتها تتم من خلال عقود فاسدة كمعظم الشركات في الدول الإسلامية. ويرى جوازها، فهو يقول: ليست في شركات تزاول المحرمات ولا لشركات قائمة على الحلال.
يرى جوازها مع أنه يقر بأنه لا تقوم على الحلال، وقد احتج فضيلته بقاعدة رفع الحرج.
والجواب أنه ليس هناك حرج بمعناه الشرعي؛ لأن وسائل الاستثمار متيسرة في مجال التجارة والصناعة والزراعة والخدمات، ولا سيما في عصرنا هذا مع انتشار البنوك الإسلامية وكثرتها –ولله الحمد- وهذا ليس فيه حرج، وإنما الحرج هو الذي لا مخرج منه كما قال ابن عباس.
واحتج –أيضاً- بالضرورة، ونقول: الضرورة غير موجودة في هذا الوقت للاشتراك في شركات تزاول الربا؛ لأنه يمكن الاشتراك في شركات أخرى، وإلا معنى هذا أننا نعتمد إخضاع الأحكام الشرعية المعلومة من الدين بالضرورة بارتكاب المحرم.
ولا أقول نخضعها للواقع الفاسد؛ لأن الواقع فيه من الصلاح الشيء الكثير، وفي الشركات التي تمارس الحلال والبنوك الإسلامية والتجارية الفردية.
واحتج أيضاً بالقياس على بيع الوفاء وهذا قياس فاسد؛ لأن بيع الوفاء عقد باطل وقد صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي بعدم جوازه، وما كان باطلاً في نفسه فكيف يصحح عليه غيره؟!
وأيضاً، احتج بالقياس على العرايا، وهذا الاحتجاج لا يصح؛ لأن تجويز العرايا ورد استثناء بنص خاص وهو ما يعبر عنه بما جاء على خلاف القياس، فقد اشترط جمهور الفقهاء والأصوليين في حكم الأصل ألا يكون معدولاً به عن سنن القياس. عن زيد بن ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أنه رخص بعد ذلك في بيع الرطب أو التمر ولم يرخص في غير ذلك)) متفق عليه. فقوله:(ولم يرخص في غير ذلك) دليل على قصر الرخصة على هذا النوع من البيوع، كما يدل على قصر الرخصة نهيه صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة. وقد استشهد بكلام شيخ الإسلام ابن تيمية وهو: أن المفسدة المقتضية للتحريم إذا تعارضت مع مصلحة راجحة أو بمحرم.