أولاً: هل نقدم كلام ابن تيمية أم نقدم كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم؟ فالله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: ٢٧٨-٢٧٩] ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:((لا تبيعوا الدينار بالدينارين، ولا الدرهم بالدرهمين)) ، وفي حديث آخر:((فمن زاد أو ازداد فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواء)) .
ثانياً: أن ابن تيمية يقول: (المفسدة المقتضية للتحريم) ، ولم يقل (المنصوص على حرمته) ، ولم يقل (الربا) ، وإنما قال:(المقتضية التحريم) ، ثم قال:(وعارضتها حاجة راجحة أبيح المحرم) ، وأين الحاجة الراجحة للشركات الربوية؟! لا توجد. واستشهادكم بقوله:(والشارع لا يحرم ما يحتاج الناس إليه في البيوع لأجل نوع من الغرر) ، لا يصح قياس الربا على الغرر؛ لأن الغرر يغتفر في اليسير منه أما الربا فكله حرام، قليله وكثيره. قال صلى الله عليه وسلم:((درهم ربا يأكله الرجل المسلم وهو يعلم أشد من ست وثلاثين زنية)) حديث صحيح. واستشهد بالعرف. ومن شروط الاستدلال بالعرف ألا يصادم نصًّا شرعيًّا، والعرف الذي تذكره عرف فاسد يصادم النصوص الشرعية، فلا يصح الاحتجاج به.
ويقول في بحثه:(لا نعيش عصراً يطبق فيه المنهج الإسلامي وإنما يسوده النظام الرأسمالي والاشتراكي، وحينئذ لا يمكن أن تسير المعاملات على الحلال الطيب الخالص دون وجود الشبهة) ، سبحان الله!! هل نحن مجتمعون لنبحث عن أساليب الاستثمار الشرعية التي تتفق مع الكتاب والسنة أم لنبيح للبنوك الربوية والشركات الربوية أعمالها بدعوى أنه يسودنا النظام الرأسمالي والاشتراكي ونحو ذلك من التعليلات؟!!.
يقول:(ولقد قال الكثيرون بإباحة الأسهم في الدول الإسلامية مطلقاً دون التطرق إلى التفصيل الذي ذكرته) ونسب هذا القول للشيوخ علي الخفيف، وأبو زهرة، وعبد الوهاب خلاف، وعبد الرحمن حسن، وعبد العزيز الخياط، ووهبة الزحيلي، والشيخ عبد الله بن منيع، وغيرهم، ونسب إلى العبد الفقير أيضاً في الحاشية دون أن ينص عليه بالذكر. وقد نبهت إلى خطأ نقل عني وعن المشائخ المذكورين في مجلة (البحوث الفقهية المعاصرة) ، فأود من فضيلته الرجوع إليها؛ لأنني نقلت عنهم بالنص تحريمهم ومنعهم لأي مشاركة في الشركات التي يدخلها الربا أو التي فيها حرام، أقول: نبهت إلى خطأ النقل عن هؤلاء المشائخ، فقد نصوا على وجوب خلو الشركة مما حرم الله. الذين نصوا ووجدت لهم نصوصاً هم: الشيخ علي الخفيف، وأبو زهرة، وعبد العزيز الخياط، وصالح المرزوقي، هؤلاء نصوا على وجوب خلو الشركة مما حرم الله، فإذا كان فيها ربا لا تجوز المشاركة فيها.