للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسم الله الرحمن الرحيم

تقديم:

الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض، وجعل الظلمات والنور، ثم الذين كفروا برهم يعدلون. والحمد لله الذي لا يؤدي شكر نعمة من نعمه إلا بنعمةٍ منه، توجب على مؤدى ما مضى نعمه بأدائها: نعمة حادثة يجب عليه شكره بها. ولا يبلغ الواصفون كنه عظمته، الذي هو كما وصف نفسه، وفوق ما يصفه به خلقه. أحمده حمداً كما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله. وأستعينه استعانة من لا حول ولا قوة إلا به. وأستهديه بهداه الذي لا يضل من أنعم به عليه. وأستغفره لما أزلفت وأخرت، استغفار من يقر بعبوديته، ويعلم أنه لا يغفر ذنبه ولا ينجيه منه إلا هو. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله. (١) أما بعد،

فبخصوص أحكام العملات الورقية انتهى المجمع الموقر في دورته الثالثة إلى أنها نقود اعتبارية، فيها صفة الثمنية كاملة، ولها الأحكام الشرعية المقررة للذهب والفضة، من حيث أحكام الربا والزكاة والسلم وسائر أحكامها.

وبشأن تغير قيمة العملة قرر المجمع في دورته الخامسة أن العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما هي بالمثل وليس بالقيمة، لأن الديون تقضى بأمثالها. فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة –أياً كان مصدرها- بمستوى الأسعار.

وبعد القرارين، وبحث الموضوع في أكثر من ندوة علمية، خرج منها المشاركون بما يتفق مع القرارين المذكورين، ظننت أن أحكام العملة الورقية لم تعد مجالا للبحث مرة أخرى، فقد حظي هذا الموضوع بالبحث والدراسة والمناقشة بما لم يحظ غيره من جميع الموضوعات. ولكني فوجئت بدعوة كريمة للكتابة عن مفهوم كساد النقود الورقية في تعيين الحقوق والالتزامات الآجلة، وحدود التضخم التي يمكن أن تعتبر معه النقود الورقية نقوداً كاسدة.


(١) نقلت هذا من مقدمة الإمام الشافعي لرسالته في أصول الفقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>