للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثاني

بيان السنة المطهرة

مما يعد أصلاً في موضوعنا ما رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن الأربعة والحاكم (١)

عن ابن عمر –رضي الله تعالى عنهما- أنه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إني أبيع الإبل بالنقيع، فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير؟ فقال: ((لا بأس أن تأخذ بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء)) .

وفي لفظ بعضهم: (أبيع بالدنانير وآخذ مكانها الورق، وأبيع بالورق وآخذ مكانها الدنانير) .

فابن عمر كان يبيع الإبل بالدنانير أو بالدراهم، وقد يقبض الثمن في الحال، وقد يبيع بيعاً آجلاً، وعند قبض الثمن ربما لا يجد مع المشتري بالدنانير إلا دراهم، وقد يجد من اشترى بدراهم ليس معه إلا دنانير، أفيأخذ قيمة الثمن يوم ثبوت الدين أم يوم الأداء؟

مثلاً إذا باع بمئة دينار، وكان سعر الصرف: الدينار بعشرة دراهم، أي أن له ما قيمته ألف درهم، وتغير سعر الصرف يوم الأداء فأصبح الدينار مثلاً بأحد عشر درهما، أفيأخذ الألف ألفاً ومئة؟ وإذا أصبح بتسعة دراهم فقط، أفيأخذ تسعمئة درهم يمكن صرفها بمئة دينار يوم الأداء، أم يأخذ ألف درهم قيمة مئة دينار يوم البيع؟

بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن العبرة بسعر الصرف يوم الأداء ... وابن عمر، الذي عرف الحكم من الرسول الكريم –سأله بكر بن عبد الله المزني ومسروق العجلي عن كري لهما، عليهما دراهم وليس معهما إلا دنانير، فقال ابن عمر: أعطوه بسعر السوق.

فهذا الحديث الشريف يعتبر أصلاً في أن الدين يؤدى بمثله لا بقيمته، حيث يؤدى عند تعذر المثل بما يقوم مقامه، وهو سعر الصرف يوم الأداء، يوم الأداء لا يوم ثبوت الدين.


(١) وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي: ٢/٤٤. وبين الشيخ أحمد شاكر صحته مرفوعاً وموقوفاً انظر المسند: ٧/٥٠ رواية: ٤٨٨٣. والشيخ الألباني ضعفه مرفوعاً وقوّى وقفه (إرواء الغليل: ٥/١٧٣) ، ولكن تضعيفه ليس بحجة؛ لأنه يعني تضعيف من احتج به الإمام مسلم، ولا يتسع المجال هنا للمزيد. وانظر في فقه الحديث على سبيل المثال: مشكل الآثار للطحاوي: ٢/٩٥-٩٧، وفتاوى ابن تيمية: ٢٩/٥١٩، وإعلام الموقعين لابن القيم: ٤/٤٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>