للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفتى الفقهاء أنه ليس لصاحب الدين إلا السكة القديمة. وأفتى ابن عتاب بأن يرجع في ذلك من قيمة السكة المقطوعة من الذهب، ويأخذ صاحب الدين القيمة من الذهب.

قال: وأرسل إلي ابن عتاب فنهضت إليه فذكر المسألة، وقال لي: الصواب فيها فتواي، فاحكم بها ولا تخالفها، أو نحو هذا من الكلام.

وكان محمد بن دحون رحمه الله يفتي بالقيمة يوم القرض ويقول: إنما أعطاها على العوض، فله العوض. أخبرني به الشيخ أبو عبد الله بن فرج عنه.

وكان الفقيه أبو عمر بن عبد البر يفتي فيمن اكترى داراً أو حماماً بدراهم، موصوفة جارية بين الناس حين العقد، ثم غيرت دراهم تلك البلد إلى أفضل منها، أنه يلزم المكتري النقد الثاني الجاري حين القضاء، دون النقد الجاري حين العقد.

وقد نزل هنا ببلنسية حين غيرت دراهم السكة التي كان ضربها القيسي وبلغت ستة دنانير بمثقال، ونقلت إلى سكة أخرى كان صرفها ثلاثة دنانير للمثقال، فالتزم ابن عبد البر السكة الأخيرة. وكانت حجته في ذلك، أن السلطان منع من إجرائها وحرم التعامل بها، وهو خطأ من الفتوى.

وأفتى أبو الوليد الباجي أنه لا يلزمه إلا السكة الجارية حين العقد. (١)

ومن أقوال المالكية السابقة نرى ما يأتي:

١- القرض يرد بمثله في كل شيء، والزيادة على المثل من الربا.

٢- تغير السعر لا يؤثر في وجوب رد القرض بمثله قدراً وصفة، وكذلك الدين الناشئ عن البيع، وإن كان التغير فاحشاً، كعشرة أضعاف مثلاً.

٣- يجوز الاتفاق وقت عقد البيع على عملة بسعر الصرف حينئذ، ولكن لا يجوز هذا في القرض.

٤- إبطال التعامل بالدنانير أو الدراهم أو الفلوس لا يمنع وجوب رد المثل ما دامت موجودة في بلد المعاملة. فإن عدمت يلجأ إلى القيمة يوم المطالبة عند التحاكم، وذلك لتعذر المثل.

وفسر الصاوي هذا بقوله: (وظاهره: ولو حصلت مماطلة من المدين حتى عدمت تلك الفلوس، وبه قال بعضهم. وقال بعضهم: هذا مقيد بما إذا لم يكن من المدين مطل، وإلا كان لربها الأحظ من أخذ القيمة أو مما آل إليه الأمر من السكة الجديدة الزائدة عن القديمة، وهذا هو الأظهر لظلم المدين بمطله) .

وأفتى ابن عتاب بأن صاحب الدين يأخذ قيمة السكة المقطوعة من الذهب، وأفتى ابن عبد البر بأخذ السكة الأخيرة.

٥- يمكن أن تكون القيمة مقدرة بغير الذهب والفضة، وقال سحنون: (القيمة لا تكون إلا بالذهب والورق) . (راجع البيان والتحصيل: ٧/٢١٤) .


(١) المرجع السابق: ٦/١٦٣-١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>