قال ابن قدامة في المغني:(٤/٣٥٦-٣٥٨) : وإن كانت الدراهم يتعامل بها عدداً فاستقرض عدداً رد عدداً وإن استقرض وزناً رد وزناً. وهذا قول الحسن وابن سيرين والأوزاعي، واستقرض أيوب من حماد بن زيد دراهم بمكة عدداً وأعطاه بالبصرة عدداً؛ لأنه وفاه مثل ما اقترض فيما يتعامل به الناس. فأشبه ما لو كانوا يتعاملون بها وزناً فرد وزناً.
ويجب رد المثل في المكيل والموزون، لا نعلم فيه خلافاً، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من أسلف سلفاً مما يجوز أن يسلف فرد عليه مثله أن ذلك جائز، وأن للمسلف أخذ ذلك؛ ولأن المكيل الموزون يضمن في الغصب والإتلاف بمثله فكذا المكيل والموزون ففيه وجهان:
(أحدهما) : يجب رد قيمته يوم القرض؛ لأنه لا مثل له فيضمنه بقيمته كحال الإتلاف والغصب.
(الثاني) : يجب رد مثله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بكرا فرد مثله. ويخالف الإتلاف، فإنه لا مسامحة فيه، فوجبت القيمة؛ لأنها أحصر، والقرض أسهل، ولهذا جازت النسيئة فيه فيما فيه الربا. ويعتبر مثل صفاته تقريباً، فإن حقيقة المثل إنما توجد في المكيل الموزون، فإن تعذر المثل فعليه قيمته يوم تعذر المثل؛ لأن القيمة ثبتت في ذمته حينئذ، وإذا قلنا: تجب القيمة وجبت حين القرض؛ لأنها حينئذ ثبتت في ذمته.
وقال في موضع آخر (٤/٣٦٤-٣٦٥) : ولو أقرضه تسعين ديناراً بمئة عدداً والوزن واحد وكانت لا تنفق في مكان إلا بالوزن جاز، وإن كانت تنفق برؤوسها فلا؛ وذلك لأنها إذا كانت تنفق في مكان برؤوسها كان ذلك زيادة، لأن التسعين من المئة تقوم مقام التسعين التي أقرضه إياها يستفضل عشرة، ولا يجوز اشتراط الزيادة، وإذا كانت لا تنفق إلا بالوزن فلا زيادة فيها وإن كثر عددها.