للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما إذا شق إنسان بطن آخر وأخرج حشوته وبقي فيه حياة وجاء من ذفف عليه أي ذبحه فالقصاص على الأول، والثاني يجب تعزيره، لأن ما بقي من الحياة بعد إخراج الحشوة هي حياة غير مستقرة، ولكن لكرامة الإنسان وجب أن يحافظ على هذا القدر ولا يعتدي عليه.

كما أن الفقهاء قرروا أنه لا توارث بين شخصين نفذ فيهما القتل في لحظة واحدة، إلا أنه بقي أحدهما يضطرب أكثر من الثاني، فاشترطوا أن تكون الحياة التي بموجبها يستحق الحي الميراث أن تكون حياة فوق حياة المذبوح.

وبهذا يمكنني أن أقول: إن الحياة الإنسانية تنتهي –بالنسبة لبعض الأحكام كالميراث- بمباشرة سبب الوفاة وأنه لا بد في الميراث من أن تكون حياة الوارث فوق حياة المذبوح.

ولكن هل يعقل أن تُجْرَى على من توقف مخه الأحكامُ الأخرى من غسل وتكفين وأن تُزَوَّجَ امرأته وهو لا يزال تحت الأجهزة يتنفس ويتغذى؟ !!!

وقد وقع ما يكاد يبطل نظرية توقف المخ فقط، فقد نشرت جريدة الأهرام في صفحتها الخامسة بتاريخ: ٣٠/ ٩/ ١٩٨٤ م هذا الخبر أنقله حرفيًا وعنوانه: "حالة فريدة من نوعها: أم في غيبوبة تضع طفلًا مكتمل النمو ...

"حالة وضع غريبة أثارت اهتمام العلماء في العالم أجمع، تلك حالة السيدة الفنلندية انجاليتالو ٣٢ عامًا التي وضعت طفلها الرابع وهي في غيبوبة تامة منذ شهرين ونصف، وقد دخلت الأم في هذه الغيبوبة إثر إصابتها بنزيف في المخ، والغريب أن الأم قد توفيت بعد أن وضعت طفلها ماركو بيومين.. ويؤكد د. جورما هيكينين الطبيب الذي باشر حالة السيدة أن هذه الحالة تعتبر نادرة للغاية، فقد كانت الأم تتنفس صناعيًا وتتغذى بالأنابيب وينقل لها دم مرة أسبوعيًا، وذلك لمدة عشرة أسابيع.

أما الشيء الذي حير الأطباء فهو كيف أمكن اكتمال نمو الطفل بطريقة طبيعية تحت هذه الظروف؟ بل إن الطفل ولد بصحة طيبة ووزن طبيعي.. يقول الأب: إنه يعتقد أن ولادة ابنه ماركو تعتبر شيئًا من قبيل المعجزة إذ إنه كان قد فقد الأمل في أن يعيش الجنين بعد الغيبوبة التي دخلت فيها الأم، غير أن عناية الله كانت تفوق كل توقع، وكان الأطباء يباشرون حالة الجنين بانتظام عن طريق الموجات الصوتية.. وفي الأسبوع الـ ٢٢ كان على الأطباء أن يتموا عملية الوضع لكنهم تركوا القرار الأخير للأب الذي وافقه على الفور، وكان لمولد الطفل ماركو وقع مهدئ على الأسرة لتعويضهم عن الصدمة المؤلمة التي شعروا بها بعد موت الأم وللطفل ماركو ثلاثة إخوة تتراوح أعمارهم بين ٥، و ١١ عامًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>