للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نهاية الحياة الإنسانية في نظر الإسلام

للشيخ بدر المتولي عبد الباسط

باطلاعي على ما كتبه إخواننا الأطباء يكاد إجماعهم ينعقد على أن الحياة الإنسانية تنتهي بتوقف المخ عن العمل، ورتبوا على ذلك أحكامًا في غاية الخطورة، وهي جواز الانتفاع بأعضاء من هذا الشخص لآخرين حتى ولو كانت أجهزته الأساسية يقوم بعضها بأداء مهمته كالجهاز الهضمي والتنفسي والدموي، سواء أكان قيام هذه الأجهزة بنفسها أم بواسطة أجهزة من صنع الإنسان.

وقبل أن أبين رأيي أسائل السادة الأطباء عن أمرين:

أولهما: لو مات الجهاز التنفسي مثلًا هل كان يستجيب لأداء وظيفته بالأجهزة المستحدثة؟

ثانيهما: هل الجسم الميت يكون فيه عامل الهدم والبناء معًا.. أم لا يبقى إلا عامل الهدم دون غيره؟

وعلى ضوء الإجابة يتضح هذا الأمر الخطير.. فإن كان الجواب عن الأول بأن الأجهزة البشرية إذا ماتت حقيقة لا تستجيب للأجهزة الحديثة، فيكون الموت بموت هذه الأجهزة وليس بتوقف المخ وحده.

وإن كانت هذه الأجهزة البشرية لا تستجيب إلا إذا كانت بها حياة فكيف يقال بأن الموت إنما هو بتوقف المخ فقط؟

أما السؤال الثاني: فإن توقف المخ مع بقاء الأجهزة البشرية لأداء وظيفتها بوسائل حديثة يبقى هناك عامل الهدم والبناء في الجسم البشري وهذا دليل على وجود الحياة، فكيف يقال بأن الموت يعتبر بتوقف المخ وحده مع بقاء الجسم في حالة هدم وبناء؟

والإسلام رتب على انتهاء الحياة الإنسانية أحكامًا كثيرة منها:

وجوب غسله وتكفينه ودفنه وانتقال عدة المرأة إلى عدة المتوفي عنها زوجها إن لم تكن حاملًا.. كما رتب على ذلك وجوب القصاص أو الدية إذا كان انتهاء الحياة بسبب جناية، كما رتب على ذلك أيضًا أحكام الميراث والوصية فكان لا بد من تحديد الموت الحقيقي المعتبر شرعًا والذي يترتب عليه هذه الأحكام وغيرها.

وبالرجوع إلى المصادر الفقهية تبين ما يأتي: يكاد يجمع الفقهاء على أنه إذا شق شخص بطن إنسان ولم يخرج حشوته، فجاء آخر وذفف عليه أي ذبحه فالقصاص على الثاني دون الأول؛ لأن شق البطن يمكن أن يعيش الإنسان معه ما لم تفصل حشوته من أمعاء ومعدة وكبد وغير ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>