للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في كشاف القناع ما نصه:

ولو تغير سعره ولو بنقص ما لم يتعيب ... أو يكن القرض فلوساً أو يكن دراهم مكسورة فيحرمها أي يمنع الناس من المعاملة بها السلطان.. فلا يلزمه قبولها فله أي المقرض القيمة عن الفلوس والمكسرة في هذه الحال وقت القرض سواء كانت باقية أو استهلكها وسواء نقصت قيمتها قليلاً أو كثيراً، والمغشوشة إذا حرمها السلطان كذلك (١) اهـ.

وذكرها –أعني هذه المسألة- صاحب المفردات على اعتبار أنها من مفردات الإمام أحمد فقال:

والنقد في المبيع حيث عين وبعد ذا كساده تبينا

نحو الفلوس ثم لا يعامل بها فمنه عندنا لا يقبل

بل قيمة الفلوس يوم العقد والقرض أيضاً هكذا في الرد

وقد سبق إيراد النص من الكاساني في البدائع، بأن الإمام أبا حنيفة يبطل العقد ويلزم برد المبيع، وأن صاحبه صححا العقد وأعطيا البائع الخيار بين فسخ البيع أو أخذ قيمة الفلوس، وهذا في جملته من الأئمة الثلاثة أبي حنيفة وصاحبيه يعني أن الدائن لا يلزمه قبول الثمن الكاسد، وكذلك مر بنا أن المشهور في المذهب المالكي أن النقد المتعلق بذمة مدينه وليس له إلا ذلك، ولكن في المذهب قول لبعض فقهائه بلزوم القيمة وقت العقد إذا أبطل السلطان التعامل بذلك النقد، وجرى من الرهوني في حاشيته مناقشة هذا القول (٢)

وقد ذكر ابن قدامة رحمه الله في المغني، المذهب في المسألة والخلاف فيها بين المذاهب الأخرى فقال:

وقال مالك والليث بن سعد والشافعي: ليس له إلا مثل ما أقرضه لأن ذلك ليس بعيب حدث فيها فجرى مجرى نقص سعرها، ولنا أن تحريم السلطان لها منع نفاقها وأبطل ماليتها فأشبه كسرها أو تلف أجزائها (٣) اهـ.

وبهذا يتضح أن هذه المسألة ليست من مفردات المذهب الحنبلي، وقد ذكر بعض فقهاء المذهب الحنبلي: أن النص عن الإمام أحمد في رد القيمة في حال كساد النقد وارد عنه في القرض، وقد أورد الشيخ عبد الله أبا بطين رأي شيخ الإسلام ابن تيمية في تعميم الدين على جميع أسبابه وأنه ليس خاصًّا بالقرض فقال صاحب المفردات:

وشيخ الإسلام فتى تيميه قال قياس القرض عن جليه

الطرد في الديون كالصداق وعوض في الخلع والإعتاق

والغصب والصلح عن القصاص ونحو ذا طرًّا بلا اختصاص

قال الشيخ عبد الله أبا بطين: أي قال شيخ الإسلام بحر العلوم أبو العباس تقي الدين ابن تيمية رحمه الله في شرح المحرر: قياس ذلك أي القرض فيما إذا كانت مكسرة أو فلوساً وحرمها السلطان وقلنا برد قيمتها في جميع الديون في بدل التلف والمغصوب مطلقاً، والصداق والفداء والصلح عن القصاص والكتابة انتهى. قال: وجاء في الدين نص حرره الأثرم إذ يحقق يعني قال ابن تيمية: إن الأصحاب إنما ذكروا النص عن أحمد في القرض قال: وكذلك المنصوص عن أحمد في سائر الديون قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله سئل عن رجل له على رجل دراهم مكسرة أو فلوس فسقطت المكسرة قال يكون له بقيمتها من الذهب (٤) اهـ.


(١) كشاف القناع عن متن الإقناع ٥/٢٥٨.
(٢) انظر حاشية الرهوني ٥/١٢١-١٢٢
(٣) ٦/٤٤٢ تحقيق الدكتور عبد الله التركي.
(٤) الدرر السنية ٥/١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>