للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال في حاشية المدني على كنون:

إذا قبض الناظر ربع الوقف وأخر صرفه عن وقته المشروط صرفه فيه مع إمكانه فتغيرت المعاملة بنقص قال: يضمن النقص في ماله لتعديه بذلك وظلمه والله أعلم. قال عج عقبه: وإذا كان هذا في الناظر مع أنه أمين فأولى المدين قلت ثم رأيت عن المسائل الملقوطة ولله الحمد ما يوجب القطع بما ذكره الوانوغي لكن في حالة خاصة ونصه: مسألة: من عليه طعام فأبى الطالب من قبضه ومكنه المطلوب مراراً حتى إلا الطعام قال مالك: ليس عليه المكيلة وإنما له قيمته (١) اهـ.

وقال في الروض المربع:

وإن نقصت القيمة في المغصوب ضمنها الغاصب لتعديه (٢) اهـ.

وقال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله:

قال الأصحاب: وما نقص بسعر لم يصمن. أقول: وفي هذا نظر فإن الصحيح أنه يضمن نقص السعر، فكيف يغصب شيئاً يساوي ألفاً وكان مالكه بصدد بيعه بالألف ثم نقص السعر نقصاً فاحشاً فصار يساوي خمسمائة أنه لا يضمن النقص فيرده كما هو! ؟ (٣) اهـ.

فالمماطل يعتبر غاصباً بتمنعه ومماطلته السداد، والذي يظهر –والله أعلم- أن أكثر أهل العلم يوجبون على الدائن رد قيمة ما استقر في ذمته من حق حال الأداء ثم تغير السعر بنقص. يستوي في القول بهذا القائلون برد المثل في حال انتفاء التعدي بالمماطلة، والقائلون برد القيمة في حال تغير السعر بنقص مطلقاً، والله أعلم.

الحالة الثانية: ما إذا كان تغير السعر بنقص كان في نقد حال الأداء أو مؤجل السداد إلا أنه لم يكن من المدين به مماطلة في الأداء بعد المطالبة فهذه الحالة وما يندرج تحتها من صور مشمولة بمسألة ما إذا تغير السعر بنقص بعد استقرار الحق في الذمة وقبل السداد وقد تقدم ذكر هذه المسألة والخلاف في الحكم فيها من حيث إلزام الدائن بقبول رد المثل من غير نظر إلى التغير بزيادة أو نقص أو قبول امتناع الدائن من رد المثل ومطالبته بالقيمة.

الحالة الثالثة: ما إذا كان الالتزام بالحق مؤجل السداد ثم بعد حلوله صار من الدائن مماطلة في السداد وقد تغير السعر بنقص قبل حلول الأجل، وبعد حلول الأجل وثبوت المماطلة زاد النقص، فهذه المسألة لها نظران، أحدهما: تغير السعر بنقص قبل حلول الأجل فهذه الصورة من صور الحالة الثانية، والنظر الثاني: زيادة التغير بنقص بعد حلول الأجل وثبوت المماطلة، فهذه الصورة من صور الحالة الأولى فيما يتعلق بزيادة التغير، فعلى القول برد المثل من غير نظر إلى غير السعر بنقص أو زيادة إلا أن يكون ذلك ناتجاً من التعدي في المماطلة فيضمن الدائن مقدار النقص الذي حصل بعد حلول الأجل وثبوت المماطلة.. وأما على القول الآخر برد القيمة فلا فرق بين تغير السعر قبل حلول الأجل أو بعده حيث يلزم المدين أن يدفع للدائن قيمة حقه وقت استقراره في ذمته للدائن.


(١) هامش على حاشية الرهوني ٥/١٢١
(٢) ٥/٣٩٨.
(٣) ج الفتاوي السعدية ص ٤٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>