جاء في بحث شيخنا الصديق في معرض رده القول بالقيمة أن المقرض في حال إعطائه حق المطالبة بقيمة قرضه يوم القرض بعد أن تغيرت قوته الشرائية بانخفاض، قال حفظه الله ما معناه: بأن المقترض سيتضرر من هذا التقاضي أكثر من تضرره بالمراباة مع المرابين، وسيجد المقترض من هذا الطريق جانباً استثماريًّا قد لا يجد ربحيته به في طرق الاستثمار المباحة.
هذا القول يحتاج إلى من فضيلته إلى إعادة نظر فهل يعتبر مقرض أقرض أخاه السوداني مثلاً مليون جنيه سوداني في وقت كانت قيمة المليون الجنيه عشرة آلاف دولار ثم كانت قيمة المليون الجنيه وقت السداد ألفي دولار هل يعتبر هذا المقرض حينما نحكم له بقيمة قرضه وقت القرض وهو عشرة آلاف دولار هل يعتبر رابحاً وقد أخذ قدر قرضه من غير زيادة ولا نقصان؟ وما هي ربحيته في هذا الصنيع؟ وإذا قلنا: ليس للمقرض إلا مثل ما أقرضه فأين المثلية في ذلك وقد نقص عليه لتحقيق المثلية خمسمائة في المائة؟ فالمثلية الشكلية لا قيمة لها ولا اعتبار إذا تخلفت عنها المثلية الجوهرية فالنقود لا تقصد لذاتها وإنما يقصد منها ما تحققه من قوة شرائية.
الوقفة الرابعة:
وبعد ففي بحث شيخنا الفاضل الدكتور الصديق العزيز ما يستدعي أكثر من وقفة ولكنها تزول إن شاء الله إذا أعاد شيخنا الكريم نظره في معنى المثلية التي يتمسك بظاهرها دون النظر إلى حقيقتها وباطن أمرها. فالاعتبار بمآل الأمور وحقائقها. ولعل أحداً من الإخوة يعترض على تعرضي لبحث شيخنا دون غيره ومع احترامي لجميع إخوتي الباحثين في هذا الموضوع والمتجهين في بحوثهم إلى ما اتجه إليه الشيخ فإن للشيخ عندي مكانة متميزة من حيث تقاه وورعه ودقة نظره ومراجعته الحق دون الأخذ بأي اعتبار مع احترامي الكامل لإخوتي الأعزاء واعترافي بما يتمتعون به من صلاح وتقى وحب للعلم والحرص على تحصيله وفقني الله وإياهم لما يحبه ويرضاه والله المستعان.
وفي ختام بحثي أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمع الكلمة على ما يتحقق به العدل والنصف ونفي الضرر عن الدائن والمدين فلا ضرر ولا ضرار. والله من وراء القصد، وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.