للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كيف العلاج؟ وما موقف الفقه الإسلامي؟

والخلاصة أن أضرار التضخم والانكماش كبيرة جدًّا على الفرد والمجتمع، والدولة، وأن علاجهما يحتاج إلى خطة طموحة محكمة، واستراتيجية بعيدة المدى تتوافر فيها كل عناصر النجاح من حيث التنظير والعمل والإخلاص.

وإذا كان تطبيق ذلك ليس بأيدينا، بل يحتاج إلى سياسات دولة اقتصادية ناجحة تشترك فيها جميع الدول المؤثرة، وإن كنا نتمناه، فهل يعني ذلك أن نترك علاج الواقع لما بعد عشرات السنين؟ وهل نقول لهؤلاء الذين لهم حقوق والتزامات: عليكم بالصبر إلى ذلك الأجل؟ أو نقول لهم: إن النقود مثلية، فعليكم بأخذ نقودكم التي ثبتت لكم منذ سنوات والتي كانت لها القيمة.. فعليكم أن تأخذوا مثلها من الأوراق التي لم تبق لها قيمة تذكر؟

والذي أراه واجباً على أهل العلم النظر والاجتهاد أن ينظروا في هذه المسألة نظرة واقعية واعية فيجدوا لها حلًّا للأمور اليومية مع الحث على إيجاد حل دائم بعيد المدى.

إن استقرار النظام النقدي شرط أساسي لإقامة نظام اقتصادي إسلامي، وأنه هدف لا غنى عنه، حيث دلت الآيات والأحاديث الكثيرة على ذلك وأكدت بوضوح على وجوب رعاية المكاييل والموازين بكل عدالة وقسط، ومن المعلوم أن هذه الموازين ليست لوزن الأمور المادية فقط، وإنما هي مقاييس للقيمة.

وحينما يوجد التضخم فإنه يعني أن النقود لم تعد قادرة أن تكون مقياساً عادلاً، بل هو مقياس غير عادل يؤدي إلى عدم التوازن.

يقول الدكتور محمد عمر شابرا: "فإن التضخم يتعارض مع الاقتصادي الخالي من الربا، أنه يأكل بالتدريج سبب وجوده المتمثل في تحقيق العدالة الاجتماعية، ومع أن الإسلام يحث على إنصاف المقترض، فإنه لا يوافق على ظلم المقرض، والتضخم بلا شك يظلم المقرض في نطاق النظام الاقتصادي اللاربوي، وذلك من خلال التآكل التدريجي للقيمة الحقيقية للقرض الحسن الذي يقدم دون أي فائدة، أو حصة في الربح" (١)

ونحن نقترح للعلاج الوقتي ما يأتي:

أولاً: بيان معيار التضخم والانكماش: وأرى أن المعيار لذلك هو ربط النقود الورقية بسلة الذهب والفضة، أو السلع الأساسية، أي بمتوسط أسعارها عند نشأة الالتزام إلى قضائه، فإذا كان الفارق هو نسبة ٣٠? فيكون هناك تضخم إذا زادت الأسعار، أو انكماش إذا قلت الأسعار.


(١) د. محمد عمر شابرا: نحو نظام نقدي عادل.

<<  <  ج: ص:  >  >>