وإن لم يجد المضطر شيئًا لم يبح له أكل بعض أعضائه. وقال بعض أصحاب الشافعي له ذلك لأن له أن يحفظ الجملة بقطع عضو كما لو وقعت فيه الأكلة.
ولنا أن أكله من نفسه ربما قتله فيكون قاتلًا لنفسه، ولا يتيقن حصول البقاء بأكله، أما قطع الأكلة فإنه يخاف الهلاك بذلك العضو فأبيح له إبعاده ودفع ضرره المتوجه منه بتركه كما أبيح قتل الصائل عليه. ولم يبح له قتله لمأكله.
وإن لم يجد إلا آدميًا محقون الدم لم يبح له قتله إجماعًا ولا إتلاف عضو منه مسلمًا كان أو كافرًا لأنه مثله: فلا يجوز أن يبقى نفسه بإتلافه. وهذا لا خلاف فيه وإن كان مباح الدم كالحربي والمرتد فذكر القاضي أن له قتله وأكله لأن قتله مباح. وهكذا قال أصحاب الشافعي لأنه لا حرمة له فهو بمنزلة السباع. وإن وجد ميتًا أبيح أكله لأن أكله مباح بعد قتله فكذلك بعد موته. وإن وجد معصومًا ميتًا لم يبح أكله في قول أصحابنا.
قال الشافعية وبعض الحنفية يباح، وهو أولى لأن حرمة الحي أعظم ومذهب الشافعي كما ذكره الهيثمي في التحفة.
وله أي المعصوم بل عليه أكل آدمي ميت محرم إذا لم يجد ميتة غيره ولو مغلطة، لأن حرمة الحي أعظم، ومن ثم لو كانت ميتة نبي امتنع الأكل منها قطعًا. وكذا ميتة مسلم والمضطر ذمي. وظاهر كلامهما أنهما حيث اتحدا إسلامًا وعصمة لم ينظر لأفضلية الميت، وإذا جاز أكله حرم طبخه وقيده شارح الأذرعي بما إذا أمكن أكله نيئًا.
وله بل عليه قتل مهدر نحو مرتد وحربي وزان محصن ومحارب وتارك صلاة بشرطه ومن عليه قود بغير إذن الإمام للضرورة لا ذمي ومستأمن لعصمتهما. وصبي وحربي وامرأة حربية لحرمة قتلهما قلت الأصح قتل الصبي والمرأة الحربيين، وكذا الخنثى والمجنون ورفيقهم للأكل والله أعلم لعدم عصمتهم. وحرمة قتلهم إنما هي لحق الغانمين ومن ثم لم تجب فيه كفارة. (١)