للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور: ومما اختلفوا في قياسه على ضرورة الجوع ضرورة التداوي، فقيل لا يتداوى بهذه المحرمات ولا بشيء مما حرم الله كالخمر، وهو قول مالك والجمهور ولم يزل الناس يستشكلونه لاتحاد العلة وهي حفظ الحياة، وعندي أن وجهة أن تحقق العلة فيه منتف إن لم يبلغ العلم بخصائص الأدوية ظن نفعها كلها إلا ما جرب منها وكم من أغلاط كانت للمتطببين في خصائص الدواء؟ ونقل الفخر عن بعضهم إباحة تناول المحرمات من الأدوية، وعندي أنه إذا وقع قوة ظن الأطباء الثقات بنفع الدواء المحرم من مرض عظيم وتعينه أو غلب ذلك في التجربة فالجواز قياسًا على الأكل للمضطر وإلا فلا (١)

ملاحظة:

إن المتتبع لكلام الفقهاء يتبين له أن سبب الخلاف هو مقدار ثقة الفقيه في وصف الأطباء، إذ الطب لم يكن واثقًا من كثير من العقاقير، ولا من تشخيص المرض ولا من ملاءمتها للمريض، والمرض كما يدل عليه تعليل ابن تيمية وهنا لا يعلم حصول الشفاء ولا يتعين هذا الدواء، لذا ولأنه بمقدار ما تزيد الثقة في الصحة بالتجربة يزداد الاطمئنان إلى جواز تناول الدواء وإن ركب من محرم.

أكل الميتة:

إذا اضطر الإنسان لأكل الميتة جاز له الأكل منها بلا خلاف، وذلك بنص القرآن لكنهم اختلفوا رغم ذلك في أمور:

أ- هل يجوز للمضطر أن يأكل ميتة الإنسان؟

يقول خليل للضرورة ما يسد (أي الرمق) غير آدمي وخمر.

يقول شارحه الزرقاني واستثناؤه الآدمي مسلمًا أو كافرًا موافق للمشهود الذي صدر به في الجنائز، ثم ذكر مقابلة –ونصه "والنص عدم جواز أكله لمضطر وصحح أكله، وهل علة الحرمة التعبد وهو المشهور أو الإذاية لأنه قيل إذا جافت صارت سما. وهو لابن عمران الجورائي، ثم قوله وصحح أكله وما قبلاه من المنع شامل لأكله من نفسه كيده أو رجله. ولا يبعد القول بإباحة أكله من بعض أعضائه حفاظًا لنفسه كما ذكروه فيمن لدغته أفعى في يده وكان يرجو الحياة بقطعها قبل سريان السم فيه، أو طولها فإنه يجب". (٢)


(١) التحرير والتنوير ج ٢ ص ١٢١
(٢) الزرقاني ج ٣ ص ٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>