للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالة المطلقة:

أعتقد جازمًا أنه لا يمكن إعطاء تحديد مطلق للموت لأن العلم يتطور تطورًا مبدعًا، وإذا أمكنه اليوم أن يعيد للقلب نبضه وانتظامه، فما المانع من أن يتمكن في يوم من الأيام من أن يعيد إلى جذع الدماغ قدرته ودوره؟ خاصة وقد دخل الدماغ الإلكتروني في الساحة الطبية، ويسر على الجراحين العمليات المعقدة والخطيرة وحقق نجاحًا مذهلًا ولذا يكون إعطاء تعريف مطلق للموت فيه من التجني على المستقبل ما لا يمكن قبوله بحال.

طريقة طرح السؤال:

إنه بناء على ما تقدم يكون من الخير أن يقدم السؤال لا على أساس تحديد الموت والمقياس الضابط لذلك، ولكن على أساس هل يجوز شرعًا نقل أعضاء حية إلى المصابين والذين حياتهم في خطر إذا لم يسعفوا بهذا العضو الذي لا بد أن ينقل في حالة حياة قبل أن تدمر خلاياه.

إن التكييف الشرعي لنقل الأعضاء لا يرتبط بتحديد الحياة والموت ولكنه يرتبط بأمرين آخرين:

الأول: المضطر لما حرم عليه

المضطر: هو الإنسان الذي يبلغ درجة الاختيار بين أمرين لا ثالث لهما؛ الموت المحقق أو تناول ما يحرم عليه وقد جاءت الآية صريحة في جواز الإقدام على المحرم حفاظًا على الحياة قال تعالى {وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} (١) وقال تعالى {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} (٢) ونص الفقهاء على أن المضطر يجب عليه أن يبقى على حياته بتناوله للمحرم، والخلاف بينهم إنما هو في تفصيلات كالبيع والتزود وأمور أخرى يهمنا منها:

أ- هل التداوي كالأكل؟

يقول ابن تيمية: والتداوي بالمحرم ليس مثل أكل المضطر للميتة فإن ذلك يحصل به المقصود قطعًا وليس له عنه عوض، والأكل منها واجب فمن اضطر إلى الميتة ولم يأكل حتى مات دخل النار، وهنا لا يعلم حصول الشفاء ولا يتعين هذا الدواء، بل الله تعالى يعافي العبد بأسباب متعددة والتداوي ليس بواجب عند جمهور العلماء ولا يقاس هذا بهذا (٣)


(١) سورة الأنعام آية ١١٨
(٢) سورة البقرة آية ١٧٣
(٣) الفتاوى ج ٢٤ ص ٢٦٦ وما بعدها

<<  <  ج: ص:  >  >>