للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بداية فكرة البنكنوت:

انطلقت هذه الفكرة أساساً من أحضان الصيارفة، ثم تبنتها الحكومات، حيث وجدت فيها بغيتها، ويعود السبب في ذلك إلى أن أوربا في القرن السابع عشر قد سادتها اضطرابات كبيرة وعدم استقرار شديد، دفع بالأغنياء أن يودعوا نقودهم وسبائكهم الذهبية عند التجار الصيارفة يختلف في أوقات الأزمان (١) لما رأينا بخصوص أمريكا في عام ١٩٧١، ومنها قاعدة السبائك الذهبية، وقاعدة المعدنين (الناقص والكامل) وقاعدة الفضة.

أهمية الارتباط والغطاء الحقيقي للنقود:

أدى إلغاء ارتباط النقود الورقية بالذهب إلغاء كاملاً، حتى من حيث الاسم –والذي كان آخره في عام ١٩٧١ بالنسبة للدولار- إلى تفسخ النظام الاقتصادي الرأسمالي، وعدم الاستقرار المتزايد، والتضخم، والهبوط الحاد في أسعار العملات، فقد هبطت قيمة الدولار هبوطاً كبيراً حيث بلغ ٨٧? من قيمته في مارس ١٩٧٣، في مقابل أكثر العملات العالمية السائدة.

بل إن بعض الاقتصاديين أرجعوا أحد أسباب هذه الأزمة النقدية والاقتصادية العالمية عام (١٩٢٩) إلى عدم وجود غطاء حقيقي للنقود الورقية التي أسرفت الدول في إصدارها، حيث كان النظام النقدي آنذاك قد أسس على افتراض غير حقيقي على أساس أن الدولار، أو الاسترليني يعادل الذهب في حجمه ووظائفه، فلما انكشفت الحقيقة من عدم التعادل بينهما وتبينت الفجوة، وقعت الأزمة. (٢)

وتدل التجارب المريرة السابقة أن الرجوع إلى النقود المعدنية كان بمثابة صمام الأمان لإعادة الثقة إلى النقود، فقد أصاب فرنسا فشل ذريع إثر إصدارها النقود الورقية بكميات هائلة من خلال تجربة (جون لو) الفاشلة، بالإضافة إلى التضخم الذي لازم الثورة الفرنسية وما بعدها، حيث ارتبط هذا التضخم بالسندات الورقية التي أصدرتها السلطات العامة بضمان أملاك الكنيسة والنبلاء، ثم بضمان الأموال المحلية، فمنحها القانون قوة الإبراء، غير أنها انخفضت قيمتها كثيراً وفشلت، وفقد الناس الثقة بها، بل أحجموا عن التعامل بها، إزاء ذلك كان لا بد من الإصلاح النقدي، فصدر لهذا الغرض قانون ٢٠/٣/١٨٠٣ والذي استمر حتى عام ١٩١٤، حيث ألغيت النقود الورقية واعتمدت على النقود المعدنية: الفضة والذهب.


(١) د. مصطفى رشدي: المرجع السابق ص (٣٩) .
(٢) د. إبراهيم أحمد إبراهيم: المرجع (٤٢-٤٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>