للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحداهما: لا بد من الحلول والتقابض، فإن هذا من جنس الصرف، فإن الفلوس النافقة تشبه الأثمان، فيكون بيعها بجنس الأثمان صرفاً.

والثانية: لا يشترط الحلول والتقابض، فإن ذلك معتبر في جنس الذهب والفضة، سواء كان ثمناً أو صرفاً، أو مكسوراً، بخلاف الفلوس؛ لأنها في الأصل من باب "العروض"، والثمنية عارضة لها، ثم نقل القول بالجواز عن مالك والشافعي أيضاً، وذكر هذه الرواية وحدها في الاختيارات. (١) وقد ذكر شيخ الإسلام أحكاماً كثيرة أخرى تتعلق بالفلوس منها أنها هل هي ثمن أم لا؟ وعلى القول بأنها أثمان فهل يجري فيها الربا؟ على وجهين لهم. وكذلك فيها وجهان في وجوب الزكاة، فيها وفي إخراجها عن الزكاة غير ذلك، والوجهان في مذهب أحمد وغيره (٢) ومنها أنه سئل عمن اشترى الفلوس: أربعة عشر قرطاساً بدرهم ويصرفها ثلاثة عشر بدرهمٍ هل يجوز؟

فأجاب إذا كان يصرفها للناس بالسعر العام، جاز ذلك، وإن اشتراها رخيصة. وأما من باع سلعة بدراهم، فإنه لا يجب عليه أن يقضي عن شيء منها فلوساً إلا باختياره، وكذلك من اشتراها بدراهم، فعليه أن يوفيها دراهم، فإن تراضيا على التعويض عن الثمن، أو بعضه بفلوس بالسعر الواقع جاز.

وسئل عن الفلوس، وبيع بعضها ببعض متفاضلاً، وصرفها بالدراهم من غير تقابض في الحال ودفع الدرهم وأخذ بعضه فلوساً، وببعضه قطعة من فضة؟ فأجاب بعد تفصيل كبير بأن هذا كله جائز عند جماعة من الفقهاء. (٣)

خامساً: أن فريقاً من الفقهاء –منهم الحنفية (٤) وأحمد في رواية (٥) ذهبوا إلى أن الدراهم والدنانير لا تتعين بالتعيين ولذلك يجوز إبدالها بعد إتمام العقد عليها، ولا يبطل العقد بخروجها مغصوبة، ثم ذهب جمهورهم إلى أن الفلوس تتعين بالتعيين مع اعترافهم بأنها ثمن. (٦) في حين ذهب آخرون منهم المالكية والشافعية وأحمد في رواية إلى أن الدراهم والدنانير أيضاً تتعين بالتعيين. (٧)


(١) مجموع الفتاوى (٢٩/٤٥٩-٤٦٠) . وراجع: الاختيارات الفقهية ص (١٢٨)
(٢) مجموع الفتاوى (٢٩/٤٦٠)
(٣) المصدر السابق (٢٩/ ٤٥٦-٤٥٨)
(٤) فتح القدير (٧/١٣)
(٥) المغني لابن قدامة (٤/٥٠-٥١) ؛ ومجموع الفتاوى (٢٩/٢٤٢)
(٦) المصادر السابقة، والمبسوط (١٤/٣) ؛ والقوانين الفقهية ص (٢١٤) ؛ والروضة للنووي (٢/٥١١)
(٧) المصادر السابقة

<<  <  ج: ص:  >  >>