للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيتها: الحلي، أصح الأوجه: أنه يضمن مع صنعته بنقد البلد، وإن كان من جنسه، ولا يلزم من ذلك الربا؛ لأنه يجري في العقود لا من الغرامات.

ثالثتها: الماشية إذا أتلفها المالك كلها، بعد الحول، وقبل إخراج الزكاة، فإن الفقراء شركاؤه، ويلزمه حيوان آخر، لا قيمته –مع أن الحيوان من القيميات - جزم به الرافعي وغيره، بخلاف ما لو أتلفها أجنبي.

رابعتها: طم الأرض، كما جزم به الرافعي.

خامستها: إذا هدم الحائط، لزمه إعادته لا قيمته، كما هو مقتضى كلام الرافعي وأجاب به النووي في فتاواه، ونقله عن النص.

سادستها: اللحم، فإنه يضمن بالقيمة، كما صححه الرافعي وغيره في باب الأضحية مع أنه مثلي.

سابعتها: الفاكهة، فإنها مثلية على ما اقتضاه تصحيحهم في الغصب.

والأصح: أنها تضمن بالقيمة، ثم ذكر السيوطي صوراً أخرى في أبواب أخرى، ففي باب البيع، إذا تحالفا وفسخ العقد، وقد تلف المبيع، أطلق الشيخان وجوب القيمة فيه فشمل المثلي وغيره، وهو وجه صححه المارودي، وادعى الروياني الاتفاق عليه.. وفي باب القرض، استثنى المارودي من القاعدة العامة نحو الجوهر، والحنطة المختلطة بالشعير، إن جوزنا قرضهما، فإنهما يضمنان بالقيمة، وصوبه السبكي، وفي باب العارية: أطلق الشيخان وجوب القيمة فيها، فشمل المتقوم والمثلي، وصرح بذلك الشيخ في المهذب، والمارودي، وكذلك المستعار للرهن، يضمن في وجه حكاه الرافعي عن أكثر الأصحاب، بالقيمة، وفي وجه وصححه جماعة، وصوبه النووي في الروضة بما بيع به وهو ما كان أكثر من القيمة، فيستثنى ذلك من ضمان العارية بالقيمة، وفي باب المصراة، يكون البدل عن لبنها التمر –كما ورد في الحديث الصحيح (١) لا مثله، ولا قيمته (٢) كل هذه الاستثناءات وغيرها، لتدل دلالة واضحة على أن محاولات الفقهاء في تحديد المثلي والقيمي ووضع معايير لهما، كل ذلك للوصول إلى تحقيق العدالة، والتوازن بين الحقين، وإذا كان المطلوب في وضع هذه المعايير هو تحقيق العدالة، فلا أعتقد أن من العدالة اعتبار الليرة اللبنانية اليوم –حيث يساوي دولار واحد ٢٧٤ ليرة في شهر ٩/ ٨٧ – مثلاً (٣) – لليرة اللبنانية عام ١٩٧٠ – حيث كانت تساوي اثنتان منها دولاراً – ويدل على ذلك أقوالهم في كثير من الفروع الفقهية التي لها علاقة بالضمان والقيمة، فقد كان رائدهم في ثمن المثل، وأجرة المثل، ومهر المثل، وقيم الأشياء هو تحقيق العدالة بكل الوسائل المتاحة، ولذلك لاحظوا فيها الزمان والمكان والظروف والملابسات المحيطة بالشيء، فعلى سبيل المثال ذكروا ثمن المثل في شراء الماء في التيمم، وشراء الزاد ونحوه في الحج، وفي بيع مال المحجور، وغير ذلك، فقالوا: إنه يختلف باختلاف المواضع، قال السيوطي: "والتحقيق: أنه راجع إلى اختلاف في وقت اعتباره، أو مكانه" (٤) ففي باب التيمم ذكرت ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه أجرة نقل الماء إلى الموضع الذي هذا المشترى فيه، ويختلف ذلك ببعد المسافة وقربها.


(١) الأشباه والنظائر للسيوطي ص ٣٨٤- ٣٨٨
(٢) المصدر السابق ص ٣٦٨
(٣) في شهر ١٢/ ١٩٨٧ م يساوي دولار واحد خمسمائة ليرة لبنانية
(٤) الأشباه والنظائر للسيوطي ص ٣٦٧ -٣٦٨

<<  <  ج: ص:  >  >>