للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أنه قيمة مثله في ذلك الموضع في غالب الأوقات، فإن الشربة الواحدة في وقت عزت الماء يرغب فيها بدنانير، فلو كلفناه شراءه بقيمة في حال، لحقته المشقة والحرج.

الثالث: أنه قيمة مثله في ذلك الموضع في تلك الحالة، فإن ثمن المثل يعتبر حالة التقويم، وهذا هو الصحيح عند جمهور الأصحاب، وبه قطع الدارمي وجماعة من العراقيين، ونقله الإمام عن الأكثرين. والتحقيق: أنه يوجب ذلك على المسافر، ولكن يعتبر الزمان والمكان من غير انتهاء الأمر إلى سد الرمق (١) .

وفي باب الحج: جزم الأصحاب، بأن ثمن المثل للزاد والماء هو القدر اللائق به في ذلك المكان والزمان، وكذلك قالوا في الطعام والشراب، حال المخمصة، وفي باب البيع إذا تخالف المتبايعان، وفسخ، وكان المبيع تالفاً، يرجع إلى قيمته وفي وقت اعتبارها قالوا أقوالاً أصحها يوم التلف، والثاني: يوم القبض؛ لأنه وقت دخول المبيع في ضمانه، وما يعرض بعد ذلك من زيادة، أو نقصان فهو في ملكه. وثالثها: أكثر القيم من القبض إلى التلف؛ لأن يده يد ضمان (٢) .

وأما اعتبار القيمة في المغصوب المتقوم، فهو أقصى قيمة من الغصب إلى التلف بنقد البلد الذي تلف فيه (٣) .

وقد ذكر الفقهاء كثيراً من الأمثلة للمثليات، راعوا فيها القيمة أيضاً منها:

١- فمثلاً الماء مثلي، ولكنه يستثنى من ضمانه بالمثل، إذا غصبه شخص في المفازة، فإنه يضمن بقيمته (٤) .

٢- إذا أعوز المثل، رجعنا إلى القيمة.

٣- إذا كسر آنية قيمتها عشرون، ووزنها عشرة، قال الغزالي في هذه المسألة: "ففيه وجهان أحدهما: أن الوزن يقابل بمثله، والصفة بقيمتها من غير جنس الآنية، وفيه وجه: ألا يبالي بالمقابلة بجنسه، فيكون البعض في مقابلة الصفة، كما لو أفرد الصفة بالإتلاف، وقد رجح الرافعي هذا الوجه الأخير، ومعنى ذلك يجوز أن يأخذ عشرين مثقالاً في مقابلة ما وزنه عشرة، ما دام فيه صنعه " (٥) .


(١) الأشباه والنظائر للسيوطي ص ٣٦٩
(٢) المرجع السابق ص ٣٧١
(٣) فتح العزيز ٧/ ١٥؛ ومطالب أولى النهى ط. المكتب الإسلامي (٤/ ٥٤)
(٤) الأشباه للسيوطي ص (٣٧١)
(٥) الوسيط مخطوطة طلعت ج ٢ ورقة ١٢٤

<<  <  ج: ص:  >  >>