للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولى: عن الرجل الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها.

والثانية: قصة إبراهيم عليه السلام وطلبه من الله أن يريه إحياء الموتى"

فأما عن القصة الأولى فهي قصة عزير كما يسميها بعض المفسرين فقد قال الله تعالى: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آَيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٥٩) } .

قال ابن كثير أحياه الله: فأول ما أحيا منه أحيا عينيه ليرى بهما كيف تسري الحياة إلى جسده ويرى بهما صنع الله في خلق الحياة في الجسد.

ثم لفته الله سبحانه إلى حياة حماره فنظر إلى العظام التي تجمع واللحم الذي يكسو تلك العظام.

يقول الفخر الرازي: انضمت أجزاء العظام بعضها إلى بعض، ثم التصق كل عضو بما يليق به، الضلع إلى الضلع والذراع إلى مكانه، ثم الرأس ثم العصب والعروق ثم أنبت اللحم عليهما ثم الجلد ثم نبت الشعر على الجلد، ثم نفخ فيه فإذا هو قائم".

وأما القصة الثانية فهي قصة إراءة إبراهيم عليه السلام إحياء الموتى إذا قال: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا} .

قال المفسرون: قطع إبراهيم عليه السلام أجساد الطيور الأربعة ثم فرقها على جبال أربعة ثم أمسك برؤوسهن في يده، ثم دعاهن فتجمعت الأجزاء المتفرقة وجاءت الأجساد تسعى إليه كل يعرف رأسه التي مع إبراهيم عليه السلام. فقال إبراهيم: أعلم أن الله عزيز حكيم. من هذا نعرف أن حياة الجسد حياة قد ركز القرآن عليها ولفت إليها الأنظار؛ لأنها محل الإعجاز والدلالة على قدرة الله سبحانه.

وسائل الإنسان نفسه قائلًا: إذا لم تسم حياة الجسد حياة، فبماذا تسمى، وإذا كان في الدماغ حياة تستطيع أن تؤثر على باقي الجسم، ففي الجسم كذلك أعضاء تفعل نفس الشيء مثل القلب والرئتين والكبد والأمعاء وكثير من الأشياء في جسم الإنسان، بدونه لا تستمر حياة الإنسان، فلماذا التركيز على عضو معين وترك باقي الأعضاء. ولماذا إضافة الحياة والموت إليه فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>