ج- ومنهم من قال: يقيد رد القيمة بأن يكون التغير فاحشًا وإلا فالمثل، وهذا ما ذكره الرهوني في حاشيته على شرح الزرقاني لمختصر خليل (١) .
وهنا يجب ملاحظة النقاط التالية:
إن الفقهاء عندما يتحدثون عن الغلاء والرخص في النقود، فإنهم يشيرون إلى علاقة النقود الرائجة بالذهب والفضة؛ لأنها هي عندهم النقود بالخلقة، وهي الأثمان التي إليها تنسب النقود وتقاس عليها، ولم يتحدثوا أبدًا عن علاقة بين النقود (التي أصابها الغلاء والرخص) والمستوى العام للأسعار، أي أثمان جميع الأشياء.
أما الغلاء والرخص للنقود في زمننا الحاضر فمفهومها مختلف عما سبق، وهي لا تخلو أن تكون أحد أمرين بينهما اتصال كبير:
أ- أنها تشير إلى علاقة العملة المحلية بسلة من العملات الدولية أو بعملة خارجية، مثل أن يتغير سعر صرف العملة المحلية مقابل الدولار أو المارك.. إلخ، أو علاقتها بحقوق السحب الخاصة، فيقال كانت الليرة تساوي دولارًا واحدًا في سنة كذا وهي اليوم ألف ليرة بدولار.. إلخ.
ب- أنها تشير إلى التغيرات التي تطرأ على ما يسمى بمؤشر تكاليف المعيشة (CPI) والذي يفترض أنه يقيس التغير في القوة الشرائية للنقود أو المستوى العام للأسعار فيقال: كان يكفي المواطن في سنة كذا راتب مقداره مائة ليرة في الشهر واليوم لا يكفيه عشر آلاف.
(١) حاشية الرهوني على شرح الزرقاني لخليل ٥/١٢٢ ومن المعلوم أن الرهوني ليس ممن يعول على قوله كثيرًا عند المالكية فلا يعد من كبار المجتهدين كما أن الشيخ الصديق الضرير قد نفى الخلاف في المذهب المالكي وأن القول واحد فيه هو أن الرد إنما يكون بالمثل في كل حال، انظر بحثه الذي قدمه إلى ندوة: "موقف الشريعة من ربط الحقوق والالتزامات الآجلة لمستوى الأسعار وأحكام تطبيق ذلك في إطار الاقتصاد الإسلامي" التي نظمها المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب في جدة سنة ١٩٨٧ م