للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-ومنها، أن الربط يؤدي إلى مزيد من الظلم وليس إلى استتباب أركان العدل في المجتمع، ذلك أن الربط إنما يحمي الدائنين على حساب المدينين الذين هم أبرياء من اقتراف "جريمة" التضخم، والدائنون هم الأثرياء الموسرون والمدينون هم في غالب الأحوال المستثمرون الذين ينفعون المجتمع بتوليد الثروة وإيجاد فرص العمل للناس، وهم الأفراد ذوو الدخول المتدنية الذين يشترون حاجاتهم الأساسية بالتقسيط والدفع الآجل، يؤدي الربط عندئذ إلى إعادة توزيع الدخل في المجتمع لصالح تلك الفئة الغنية فيضحى الحال كما حذرت منه الآية الكريمة {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: ٧] .

-والربا إنما حرم لما فيه من الظلم كما قال تعالى: {لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: ٢٧٩] فهذا الربط لما ثبت فيه من الظلم آل إلى ما يؤول إليه الربا فاستحق ما أوجب الله عليه من حكم، فالظلم صفة مشتركة بين الربا والربط.

-ومنها، أن ربط ديون لحكومة بمؤشر تكاليف المعيشة يزيد من تكلفة الدين الحكومي، ذلك أن الفائدة التي تدفع على السندات الحكومية تقل (في كل دول العالم تقريبًا) عن معدل التضخم نظرًا إلى تدني مستوى المخاطرة في تلك السندات، فإذا ربطت هذه الأسناد بمؤشر تكاليف المعيشة زاد ما تدفعه الحكومة من ربا على هذه الديون، فمن أين ستأتي الحكومة بمثل تكل الزيادة؟ لا مصدر لذلك إلا:

أ- زيادة الضرائب على الناس، وهذا مؤداه اقتطاع مزيد من دخول الأفراد يحول إلى دائني الحكومة وهم الأثرياء وجلي ما في ذلك من الظلم أو:

ب- التوسع في الإصدار النقدي بطريقة تؤدي إلى تفاقم مشكلة التضخم وتدهور القوة الشرائية للنقود وواضح ما في ذلك من ظلم أو:

ج- توجيه ما كان من الممكن أن يستخدم في بناء المدارس والمستشفيات التي يستفيد منها جميع الناس، توجيهًا إلى دائني الحكومة من حملة الأسناد وهو ظلم لأولئك الذين لا يحملون سندات الدين، وهذا في الحالات التي يكون للحكومة موارد غير الضرائب.

<<  <  ج: ص:  >  >>