هـ- والإنتاج العالمي من الذهب لا يضيف إلى الكمية الكلية الموجودة منه أكثر من ٢? سنويًّا، الأمر الذي يعني استقرار العرض الكلي منه ومن ثم استقرار النقود المعتمدة عليه، بخلاف النقود الورقية التي يمكن للحكومة والبنوك أن تولد منها كميات لا تكاد تكون محدودة.
٦ - الذهب أفضل الوسائل لاستقرار الأسعار:
قد حدث في الماضي كما ذكرنا أعلاه أن ارتفعت الأسعار وانخفضت حتى في ظل النظام الذهبي، لكن الثابت أن التقلبات في الأسعار في ظل الذهب إنما هي في المدى القصير فحسب، أما على المدى الطويل فإن الذهب هو أفضل وسيلة لتحقيق الاستقرار في الأسعار لأجيال بل لقرون، فمثلًا في الفترة التي اعتمدت فيها بريطانيا نظام قاعدة الذهب وهي من ١٧١٧م حتى ١٩٣٤م كان المستوى العام للأسعار ثابتًا تقريبًا، وكذلك الحال في الولايات المتحدة فقد استقرت الأسعار بدون تغير يذكر منذ سنة ١٧٩١ م عندما تبنت الحكومة نظام الذهب حتى الحرب العالمية الثانية (١) .
٧ - المآلات الشرعية والاقتصادية للقول بجواز الربط بالمؤشر:
الأمور بمآلاتها، وما أدى إلى الحرام فهو حرام.. هذه جميعًا قواعد معروفة، ولذلك وجب علينا عند الاختلاف حول مسألة الربط أن نسترشد بمآلات إذا خفي علينا الدليل وعسر القياس، ومآل القول بجواز الربط هو أولًا: استباحة الفائدة الربوية بحيلة مشينة، بل إني أقول إنه لا معنى للقول بحرمة الفائدة إذا قلنا بجواز الربط القياسي، لأن تحريمها لا يعدو عندئذٍ أن يكون لغوًا، ذلك أن المحصلة واحدة والنتيجة واحدة بين القول بجواز الربط بمؤشر تكاليف المعيشة والقول بجواز الفوائد المصرفية للأسباب التالية:
- معلوم أن مؤشر تكاليف المعيشة هو في اتجاه مستمر إلى الارتفاع لا إلى الانخفاض (إلا في النادر جدًّا) ، هو ربما ارتفع قليلًا وربما زاد كثيرًا ولكن اتجاهه معروف، يترتب على القول بجواز الربط إذًا:
أولًا: أن رأس المال في جميع القروض والديون سوف يكون مضمونًا لأنه لا يتصور انخفاض الأسعار بطريقة تأتي على جزء منه.
ثانيًا: إن الزيادة حاصلة بشكل مؤكد (بسبب ما ذكرنا) وإن كانت غير معروفة بالنسبة عند التعاقد بين الأفراد لأنها لا تعلن إلا في نهاية العام، (ولكنها معروفة بصفة شبه مؤكدة عند الحكومة) .
فلا اختلاف بين الربط إذن وبين الفائدة المتغيرة، فالقول بجواز الربط مآله التعامل بالربا واستباحته بأدنى الحيل.
(١) انظر في تفصيل ذلك كتاب: The Golden Constant لمؤلفه الأستاذ في جامعة كاليفورنيا Roy Jastram صدر سنة ١٩٧٨م