للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- يعتقد كثير من الخبراء النقديين لاسيما بعض أعضاء مجلس المصرف المركزي الأمريكي (نظام الاحتياطي الفدرالي) أنه لا سبيل إلى إيجاد نظام نقدي دولي مستقر إلا بارتباط العملات الدولية الرئيسية بطريقة أو بأخرى بالذهب، وقد انضم حاكم المصرف المركزي الأمريكي مؤخرًا إلى مثل هذا الرأي.

كل ذلك دليل على أن الذهب لا يزال هو النقود الطبيعية.

ج- تمنع القوانين المصرفية في أكثر دول العالم البنوك من التجارة في السلع مثل القمح أو البترول أو الفوسفات أو النحاس أو الألمونيوم ... إلخ إذ تحصر نشاطها في النقود بأنواعها، وتدخل هذه القوانين الذهب في معية النقود لا السلع ولذلك فهي تجيز للبنوك المتاجرة به والاستثمار فيه.

د- يتميز الذهب –بخلاف سائر المؤشرات وجميع السلع- باستقلاله عن القوى المؤثرة من دول وبنوك وشركات استثمار وأفراد، وسبب ذلك أن السلع الأخرى مثل البترول أو القمح وما شاكلها تهلك بالاستعمال، ولذلك فإن العرض الكلي لها هو العرض المعد للبيع لغرض الاستهلاك اليوم أما إنتاج الأمس فقد انتهى، لكن أمر الذهب مختلف، فهو لا يتعرض لمثل هذا.

لذلك فإن العرض الكلي للذهب اليوم هو جميع الذهب الموجود في كل أنحاء العالم منذ أن اكتشف الإنسان الذهب، ولا يستبعد الخبراء أن ذهب الفراعنة وذلك الذي استخرج في زمن حامورابي جميعها تتداول في أيدي الناس اليوم بعد أن تغيرت في أشكالها مرات كثيرة، ولما كان الذهب في تزايد من جهة الإنتاج وجدت أنه كلما مر الوقت أدى ذلك إلى زيادة "استقلال" الذهب عن سيطرة جهة بعينها.

هب أن دولة ما قررت تخفيض قيمة الذهب (مع أننا لا نتصور مصلحة أو قدرة لأية دولة في مثل هذا العمل) بزيادة المعروض منه، يجب على مثل تلك الدولة أن تنتج كميات كبيرة جدًّا تؤثر على المعروض الكلي منه وهذا أمر عسير على أية دولة لاسيما إذا علمت أن ذلك يعني أنها ستمنى بخسارة لأن إنتاجها من الذهب –إن كانت منتجة- سيكون ذا قيمة أقل بقدر ما تزيد من البيع وتنجح في خفض الأسعار، ولا نعرف دولة اليوم عندها مثل هذه القدرة، افترض أن دولة رغبت في رفع أسعار الذهب (ولا نتصور مصلحة لأية دولة في أن تقوم بمثل ذلك) . عليها عندئذٍ أن تشتري منه كميات كبيرة، وهي عندما تفعل ذلك ستدفع الثمن بعملتها الورقية مما يؤدي إلى تدهور قيمة الأخيرة وهو أمر لا ترغب في حصوله الدول. وغير متوقع أن دولة ما لديها من الذهب ما يؤدي إلى مثل ذلك. وحتى على افتراض حصول ذلك، فإن الدولة التي تفعل مثل هذا ستفعله مرة واحدة فلا تستطيع الاستمرار فيه بطريقة منتظمة كالنقد الورقي الذي لا يكلف إلا الحبر والورق.

<<  <  ج: ص:  >  >>