للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا غير صحيح (على إطلاقه) إذ لا يزال الذهب هو أصل النقود ومنه استمدت أكثر العملات رواجًا في العالم قيمتها (في الأصل) وإن انتهت صلتها المباشرة به في الوقت الحاضر.

واليوم، لا يزال للذهب مكانته الخاصة وطبيعته المتميزة التي يختلف فيها عن أي معدن آخر، وهو ينتسب إلى النقود والمالية أكثر من انتمائه إلى السلع الاستهلاكية والصناعية، خذ على سبيل المثال:

أ- استعمل الناس الذهب كوسيط للتبادل قبل أكثر من ٣٠٠٠ سنة.

وبقي بصورة أو بأخرى، هو عملة العالم حتى سنة ١٩٧١ عندما ألغت الولايات المتحدة قابلية تحويل الدولار إلى الذهب، لكن مع ذلك يبقى الذهب كأفضل مقياس للقيمة وإن كان مقياسًا غير مباشر في المعاملات المعاصرة.

وبقدر ما يتعلق الأمر بقياس القيمة فإننا في واقع الأمر لم نخرج عن نظام الذهب حتى اليوم فمن ذلك:

- أن سعر أوقية الذهب عندما خرجت الولايات المتحدة عن نظام الذهب سنة ١٩٧١ كان ٣٥ دولارًا، واليوم تضاعف هذا السعر عشر مرات ليصبح ٣٥٠ دولارًا تقريبًا، ولكن الملفت للنظر أن كثيرًا من المؤشرات النقدية قد تضاعفت أيضا عشر مرات، فمثلًا تضاعف الدين العام في الولايات المتحدة عشرة أضعاف، وزادت تكاليف الدين العام عشر مرات، وارتفعت أسعار الفائدة الحقيقية عشرة أضعاف ... إلخ، كل ذلك دليل على أن الذهب لا يزال في الحقيقة هو "النقود بالخلقة".

- أقوى العملات في العالم اليوم هي تلك التي حافظت على علاقة مستقرة مع الذهب (١) فعلى الرغم من عدم وجود ربط رسمي فإن اليابان تحرص دائمًا على استقرار علاقة الين بالذهب، لذلك فقد تضاعفت قيمة الذهب بالين ثلاث مرات منذ سنة ١٩٧١، بل إن سياسة اليابان النقدية معتمدة على تحديد أهداف تتعلق بالمحافظة على علاقة مستقرة للين بالذهب (٢) .

- لا يزال الذهب هو أفضل المؤشرات الدالة على اتجاه الأسعار في المستقبل، وبينما تمتلئ كتب الاقتصاد بالتحليلات الاقتصادية المعقدة عن علاقة مستوى الأسعار في المستقبل بالكمية النقدية إلا أن الواقع يدل على أن الذهب هو أفضل المؤشرات، ولقد نجحت الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة في تحقيق الاستقرار في مستوى الأسعار بعد أن تبنى بنكها المركزي (نظام الاحتياط الفدرالي) الذهب كأساس لسياسته النقدية.


(١) Wall Street Jaurnal P.٦/٨ -١٥-٩٤
(٢) Wall Street Jaurnal P.٩/May ١٥-٩٤

<<  <  ج: ص:  >  >>