للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: أن الجسد هو المعول عليه في معرفة الحياة والموت حيث إن الحركة تنبعث منه.

الثاني: اعتبر العلماء مطلق الحركة، أو الحركة الطويلة التي تدل على الحياة، وهل هناك مثلًا حركة تدل على الحياة أكثر من حركة القلب ونبض الدم في العروق والتنفس وحركة الصدر وعمل باقي الأعضاء من كبد وكلية وأمعاء وغير ذلك، ولهذا نجد أن الفقهاء لم يجعلوا أبدًا العقل أو الإحساس هو مصدر الحياة، وإلا فكيف يعرف ذلك في الوليد حتى يقولوا به؟

أقوال الفقهاء في نهاية الحياة:

تكلم الفقهاء عن نهاية الحياة في الإنسان، وما يجب أن يتبعها من أعمال خاصة بتجهيزه وقبره، لأن الموت دائمًا يعقبه قبر الميت مباشرة مصداقًا لقوله تعالى: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} وما يلزم ذلك المقبور من تغسيل وتكفين وصلاة وغير ذلك.

فقالوا: إذا تيقن الحاضرون من موت الميت، وعلامة ذلك، انقطاع نفسه وانفراج شفتيه، وأضاف بعضهم أوصافًا أخرى مثل انخساف صدغيه أو ميل أنفه واسترخاء أعصابه ورجليه، وامتداد جلد وجهه، وتقلص خصيتيه إلى فوق مع تدلي الجلدة (١)

ثم يتبعون تلك الأوصاف بشروط أخرى، فيقول النووي في روضة الطالبين جـ ٢ ص ٩٨: فإن شك في موته بأن يكون به علة، واحتمل أن يكون له سكتة، أو ظهرت عليه أمارات فزع أو غيره، كأن يكون هناك احتمال إغماء أو خلافه آخر حتى اليقين بتغير الرائحة أو غيره".

بعد هذا البيان في علامات الموت عند الفقهاء، نرى أنهم حرصوا على أنه لا يحكم بالموت إلا بعد فقدان الجسم للحياة، أي حياة فقدانًا كاملًا، واشترطوا اليقين في ذلك والتأكد الذي لا يخالطه شك، فإذا كان هناك أدنى ريبة، ترك الجسد حتى تتغير رائحته وينتفي معه أي شك في الموت، هذا هو ما عليه إجماع الفقهاء من لدن الصدر الأول إلى اليوم.


(١) انظر الفتاوى الهندية ١/ ١٥٤، مختصر خليل ١/ ٣٧، منتهى الإيردات ١/ ٣٢٣، روضة الطالبين ٢/ ٩٨، ابن عابدين طـ الحلبي ١/ ١٨٩

<<  <  ج: ص:  >  >>