للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا ينبغي أن نلفت النظر إلى ما يلي:

١- إذا كان هذا هو منطق الشريعة الإسلامية، وهذه هي أقوال فقهائها، أفلا يكون من الأولى والأجدر حفظ حياة إنسان مازالت فيه حياة نابضة منظورة قوية، واحترام حياة تتنفس وتنمو؟

٢- الإنسان ما زال موطن الأسرار، وحياته وموته ما زالت يكتنفها الغموض وإن كان العلم قد بدأ يزيح الستار عن بعض هذه المجاهيل، إلا أنه كل يوم يظهر تقدم جديد في مجال خدمة الحياة الإنسانية، فالحكم على حياة الإنسان وموته بدون تحقق وتأكد، يكون حكمًا مبنيًا على المجازفة.

٣- من الأدلة الشرعية المعترف بها الاستصحاب، وهو الحكم على الشيء بما كان ثابتًا له ما دام لم يقم دليل قطعي بغيره، فمن عرف إنسانًا حيًا حكم بحياته وبنى تصرفاته على هذه الحياة، حتى يقوم الدليل الأكيد على وفاته، ومن عرف فلانة زوجة فلان شهد بالزوجية ما دام لم يقم دليل له على إنهائه، فأين هو الدليل الشرعي على انتهاء الحياة الإنسانية والجسد حي وما زال يقبل الغذاء ويبول وجسده لم يتغير بل ينمو؟ وكيف يحكم بالموت في هذه الحالة والقاعدة الشرعية المعروفة تقول: "الأصل بقاء ما كان حتى يثبت ما يغيره" وكذلك قاعدة "ما يثبت باليقين لا يزول بالشك" فكيف يدعى اليقين والجسد ينبض والحياة مليئة بالأسرار؟ وما ثبت اليوم ينقص غدًا "وما هو مستحيلًا اليوم هو حقائق الغد".

الأحكام الشرعية لفاقد الحياة العاقلة:

قد يكون الإنسان فاقد للحياة العاقلة فيكون فاقدًا للأهلية، كالطفل في زمن طفولته وكالمجنون في أي سن كان، فكل منهما لكونه لا عقل له فلا يكون له أهلية للأداء ولا تترتب آثار شرعية على أقواله وأفعاله.

قال صلى الله عليه وسلم: ((رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ وعن المبتلي حتى يبرأ، وعن الصبي حتى يكبر)) حديث صحيح، أخرجه أبو داود من حديث عائشة بهذا اللفظ، وأخرجه من حديث علي وعمر بلفظ ((عن المجنون)) حتى يبرأ وعن النائم حتى يعقل، وأخرجه أيضًا عنهما ((عن المجنون حتى يفيق)) وبلفظ ((عن الصبي حتى يحتلم)) فلا يجب إذن على المجنون صلاة ولا صوم ولا حج، وإذا بريء لا يقضي صلاة ولا صومًا وإذا صلى أو صام أو حج لا يقبل منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>