استدل جمهور الفقهاء على صحة نكاح المريض بأدلة من المنقول وبالقياس والمعقول:
من المنقول ما رواه نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال:" كانت ابنة حفص بن المغيرة عند عبد الله بن أبي ربيعة، فطلقها تطليقة، ثم إن عمر بن الخطاب تزوجها بعده، فحدث أنها عاقر لا تلد، فطلقها قبل أن يجامعها، فمكثت حياة عمر وبعض خلافة عثمان بن عفان، ثم تزوجها عبد الله بن أبي ربيعة وهو مريض؛ لتشرك نساءه في الميراث، وكان بينها وبينه قرابة".
واحتج القائلون بصحته، بقياسه على البيع والشراء، فكما أن بيعه وشراءه صحيح فكذلك نكاحه، بجامع أن كلا منهما عقد معاوضة وبقياسه أيضًا على حال الصحة، فكما يصح هنا يصح نكاحه في مرضه مرض الموت، وإنما منعت الزيادة على مهر المثل، لأنها في حكم الوصية، ولا وصية لوارث، ومن استدلالهم بالمعقول قولهم: إن النكاح من الحوائج الأصلية؛ لأن بقاء النسل البشري يتوقف على النكاح، والمرء غير ممنوع عن صرف ماله إلى حوائجه الأصلية (١) .
وهكذا تبين لنا من الأمثلة السابقة أثر القول بالأخذ بالذرائع أو عدم الأخذ بها في كثير من الفروع الفقهية التي من العسير حصرها والإحاطة بجميعها.
(١) ابن قدامة في المغني ٦/ ٣٩٢، الأم ٤/٣١ وما بعدها، ابن الهمام في فتح القدير ٧/٤٠٣