للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم الحيل

الدليل على مشروعية الحيل:

أولًا: من الكتاب: قوله تعالى {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} [ص: ٤٤] هذا تعليم المخرج أيوب عليه السلام عن يمينه التي حلف ليضربن زوجته مائة، فإنه حين قالت له: لو ذبحت عناقًا باسم الشيطان ... في قصة طويلة أوردها أهل التفسير رحمهم الله تعالى.

وقوله تعالى: {فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ} [يوسف: ٧٠] إلى قوله تعالى {ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ} [يوسف: ٧٦] وذلك منه حيلة لإمساك أخيه عنده حينئذ، ليوقف إخوته على قصده.

قال الرازي الجصاص: وفيما حكى الله تعالى من أمر يوسف وما عامل به إخوته في قوله {فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ} [يوسف: ٧٠] إلى قوله {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ} [يوسف: ٧٦] دلالة على إجازة الحيلة في التوصل إلى المباح واستخراج الحقوق لأن الله تعالى رضي ذلك من فعله ولم ينكره، وقال في آخر القصة {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ} [يوسف: ٧٦] .

ومن نحو ذلك قوله تعالى {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} [ص: ٤٤] وكان حلف أن يضربها عددًا، فأمره تعالى بأخذ الضغث، وضربها به ليبر في يمينه من غير إيصال ألم كبير إليها.

ومن نحوه: النهي عن التصريح بالخطبة وإباحة التوصل إلى إعلامها رغبته بالتعويض (١) .

وقال تعالى حكاية عن موسي عليه السلام: {قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} [الكهف: ٦٩] ولم يقل (على ذلك) ... لأنه قيد سلامته بالاستثناء وهو مخرج صحيح، قال الله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: ٢٣ ـ ٢٤] .


(١) الجصاص: أحكام القرآن ج٣ ص ١٧٦ تفسير سورة يوسف

<<  <  ج: ص:  >  >>