١- أن يقيد المتكلم كلامه بلعل وعسى، كما قال عليه السلام:(فلعلنا أمرناهم بذلك) ولم يكن أمر به، ولم يكن ذلك كذبًا منه لتقييد كلامه بلعل.
٢- أنه يضمر في لفظه معنى سوى ما يظهر ويفهمه السامع من كلامه، وبيانه: في ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لتلك العجوز: ((إن الجنة لا يدخلها العجائز)) فجعلت تبكي، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أهل الجنة مرد مكملون)) ، أخبرها بلفظ أضمر فيه سوى ما فهمت من كلامه، فدل أن ذلك لا بأس به.
ومما ورد عن السلف من المعاريض: ما روي عن عبيدة السلماني رضي الله عنه قال: خطب علي رضي الله عنه فقال: والله ما قتلت عثمان ولا كرهت قتله وما أمرت وما نهيت، فدخل عليه بعض من ـ الله أعلم بحاله ـ فقال له في ذلك قولًا. فلما كان في موضع آخر قال: من سائلي عن قتل عثمان رضي الله عنه، فالله قتله وأنا معه؟
فقال ابن سيرين: هذه كلمة قرشية ذات وجوه:
أما قوله: ما قتلت عثمان رضي الله عنه، فهو صدق حقيقة.
وقوله: ولا كرهت قتله، أي قتله بقضاء الله تعالى، ونال الشهادة فما كرهت له هذه الدرجة، وما كرهت قضاء الله وقدره.
وأما قوله: فالله قتله وأنا معه مقتول أقتل كما قتل عثمان رضي الله عنه.
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبر أنه يستشهد بقوله:((إن أشقى الأولين والآخرين من خضب بدمك)) وهذه من هذه وأشار إلى عنقه ولحيته، وقد كان علي رضي الله عنه، ابتلى بصحبة قوم على همم متفرقة، فقد كان يحتاج إلى أن يتكلم بمثل هذا الكلام الموجه.