للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما يكره ذلك أن يحتال في حق لرجل حتى يبطله، أو في باطل حتى يموهه، أو في حق حتى يدخل فيه شبهه، فما كان على هذا السبيل فهو مكروه، وما كان على السبيل الذي قلنا أولًا فلا بأس به؛ لأن الله تعالى قال: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢] .

ففي النوع الأول معنى التعاون على البر والتقوى.

وفي النوع الثاني معنى التعاون على الإثم والعدوان (١) .

وذكر عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: من معاريض الكلام ما يغني المسلم عن الكذب.

وفيه دليل: على أنه لا بأس في استعمال المعاريض للتحرز عن الكذب، فإن الكذب حرام لا رخصة فيه.

وقال ابن عباس: ما يسرني بمعاريض الكلام حمر النعم.

فإنما يريد به أن بمعاريض الكلام يتخلص المرء من الإثم ويحصل مقصوده فهو خير من حمر النعم (٢) .

والأصل في جواز المعاريض قوله تعالى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} [البقرة: ٢٣٥] فقد جوز الله المعاريض ونهى عن التصريح بالخطبة بقوله تعالى: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا} [البقرة: ٢٣٥] وقال إبراهيم عليه السلام للملك حين سأله عن سارة، فقال من هي منك؟ قال:

هي أختي لئلا يأخذها. وإنما أراد أختي في الدين،وقال للكفار إني سقيم حين تخلف ليكسر آلهتهم، معناه إني سأسقم، يعني أموت (٣) .

ثم بيان استعمال المعاريض من أوجه:


(١) السرخسي: المبسوط ج٣ ص ١٧
(٢) الجصاص: أحكام القرآن ج٣ ص ١٧٧
(٣) الجصاص: أحكام القرآن ج٣ ص١٧٧

<<  <  ج: ص:  >  >>