ولما كانت الشريعة تبنى على الظاهر وجب ألا تناط أحكامها بأسباب قد تخفى ولذلك يحكم على العقود بحسب ما تدل عليه ألفاظها وما يستفاد منها في اللغة وعرف العاقدين في الخطاب.
ويقول: لا يفسد العقود نية العاقدين: لذلك إذا اشترى الرجل طعامًا فقبضه فلا بأس أن يبيعه ممن اشتراه منه ومن غيره بنقد وإلى أجل وسواء في المعين وغير المعين (١) .
هذا ولعل ما نسب إلى الشافعي من القول بسد الذرائع إنما هو من باب تحريم الوسائل التي تستلزم المتوسل إليه لا من باب الذرائع.
وقال السبكي: إن ما ذكر أن الأمة أجمعت عليه ليس من مسمى الذرائع في شيء نعم حاول ابن الرفعة تخريج قول الشافعي في باب: إحياء الموات من الأم: عند النهي عن منع الماء ليمنع الكلأ: إن ما كان ذريعة إلى منع ما أحل الله لم يحل.
وكذا ما كان ذريعة إلى إحلال ما حرم الله. فقال: في هذا ما يثبت أن الذرائع إلى الحرام والحلال تشبه معاني الحرام والحلال.
قال السبكي: نقلًا عن والده إنما أراد الشافعي تحريم الوسائل لا سد الذرائع.
والوسائل تستلزم المتوسل إليه ومن هذا منع الماء فإنه يستلزم منع الكلأ الذي هو حرام ونحن لا ننازع فيما يستلزم من الوسائل ولذلك نقول: من حبس شخصًا ومنعه من الطعام والشراب فهو قاتل له وما هذا من سد الذرائع في شيء.
وكلام الشافعي في نفس الذرائع لا في سدها، وأصل النزاع بيننا وبين المالكية إنما هو في سدها.