للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شواهد سد الذرائع عند فقهاء الحنفية:

إن كتب أصول الفقه عند فقهاء الحنفية لم تتعرض لذكر سد الذرائع واحدًا من مصادر التشريع، ولكن يلحظ أن قولهم بالاستحسان مدخل إلى العمل بالمصلحة وسد الذرائع من وجوه العمل بالمصلحة.

وما يصدق على الاستحسان في بعض صوره ووجوهه يصدق على سد الذرائع وكأن الوفاق على المضمون والخلاف على الاسم ولا مشاحة في الاصطلاح.

هذا: ومن تتبع أحوال فقهاء المذهب في أحكام بعض الفروع يجد أنهم يوافقون فقهاء المالكية في الأحكام وإن خالفوهم في التعليل. من ذلك:

١- اتفاقهم مع المالكية والحنابلة في المنع من بعض صور بيوع الآجال، فمن اشترى سلعة بألف حالة أو نسيئة فقبضها لم يجز له أن يبيعها من البائع بخمسمائة قبل أن ينقد الثمن الأول كله أو بعضه.

قال الكاساني: إن الثمن عقد المعاوضة وهو تفسير الربا إلا أن الزيادة ثبتت بمجموع العقدين فكان الثابت بأحدهما شبهة الربا، والشبهة في هذا الكتاب ملحقة بالحقيقة (١) .

٢- صوم يوم الشك: والمختار عند الحنفية استحباب صوم المفتي ليوم الشك ويفعله سرًا حتى لا يتهم بالعصيان ويفتي الناس بالإفطار حسمًا لمادة اعتقاد الزيادة.

قال ابن الهمام: المختار أن يصوم المفتي بنفسه أخذًا بالاحتياط ويفتي العامة بالتلوم إلى وقت الزوال ثم بالإفطار حسمًا لمادة الزيادة، ويصوم فيه المفتى سرًا لئلًا يتهم بالعصيان فإنه أفتاهم بالإفطار بعد التلوم بحديث العصيان وهو ما ذكر من قوله صلى الله عليه وسلم: ((من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم)) (٢) .

وهو مشتهر بين العوام فإذا خالف في الصوم اتهموه بالعصيان (٣) .


(١) الكاساني: ج٥ ص ١٩٩
(٢) ذكره البخاري تعليقًا: ج٣ ص٣٤
(٣) ابن الهمام: فتح القدير ج٢ ص٥٤

<<  <  ج: ص:  >  >>