للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودليل الاستحباب على ما ذكره ابن الهمام ما في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال لرجل: ((هل صمت من سرر شعبان؟)) قال لا. قال: ((فإذا أفطرت فصم يومًا مكانه)) (١) . والإسرار آخر ليلة من شعبان لأنه يستسر فيها الهلال بنور الشمس.

وجه الاستدلال: أنه أمر العامة بالإفطار بعد الزوال حتى لا يكون الصوم ذريعة لاعتقادهم الزيادة وأن يلحقوا بالفريضة ما ليس منها.

وأما طلب الإسرار بصومه من الإمام وغيره من الخاصة: حتى لا يكون ذريعة لاتهامهم بمخالفة النهي عن صوم يوم الشك، وهذا تطبيق عملي لسد الذرائع اختاره علماء المذهب وفعله أئمتهم (٢) .

٣- الحداد على البائن والمتوفى عنها زوجها: جاء في بداية المبتدي: وعلى المبتوتة والمتوفى عنها زوجها إذا كانت بالغة مسلمة الحداد. وقال: الحداد أن تترك الطيب والزينة والكحل والدهن المطيب وغير المطيب إلا من عذر.

قال صاحب العناية: والمعنى في إيجاب ترك الطيب والزينة وجهان:

١- ما ذكرناه من إظهار التأسف.

٢- أن هذه الأشياء دواعي الرغبة فيها؛ لأن المرأة إن كانت متزينة متطيبة تزيد رغبة الرجل فيها، وهي ممنوعة عن النكاح ما دامت في عدة الوفاة أو الطلاق، فتجنبها كي لا تصير ذريعة ـ أي وسيلة ـ إلى الوقوع في المحرم وهو النكاح (٣) .

٤- إقرار المريض مرض الموت: إذا أقر المريض مرض الموت بدين فإنه يتهم أنه قصد بهذا الإقرار إبطال حق الورثة، ولذلك لا يكون هذا الإقرار ملزمًا كما لو كان في حال الصحة.

ولذلك: إذا أقر بدين في مرضه وعليه دين في الصحة قدم دين الصحة، وكذلك الدين الذي لزمه حال المرض لأسباب معلومة كبدل مال استهلكه، ومثل مهر امرأة تزوجها، تقدم هذه الديون على ما أقر به من ديون غير معلومة الأسباب.

وذلك لأنه يتهم إذا قصد بإقراره مضايقة الغرماء.

قال في بداية المبتدئ: وإذا أقر الرجل في مرض موته بدين وعليه ديون في صحته وديون لزمته في مرضه بأسباب معلومة، فدين الصحة والدين المعروف الأسباب مقدم.

وجه هذا القول: أن الإقرار لا يعتبر دليلًا إذا كان فيه إبطال حق الغير، وفي إقرار المريض ذلك لأن حق غرماء الصحة تعلق بهذا المال استيفاء، ولهذا منع من التبرع والمحاباة إلا بقدر الثلث (٤) .

وقال ابن عابدين: تصادق ـ أي المريض مرض الموت والزوجة ـ على ثلاث، في الصحة وعلى مضي المدة ثم أقر لها بدين أو عين أوصى لها بشيء، فلها الأقل منه ـ أي مما أقر أو أوصى ـ ومن الميراث للتهمة (٥) .


(١) رواه البخاري ج٣ ص ٢٥٤
(٢) فتح القدير ج٢ ص٢٥٥ ـ ٢٥٧، / سد الذرائع ص٤٩٣
(٣) فتح القدير ج٢ ص ٢٥٥ ـ ٢٥٧، سد الذرائع ص ٤٩٣
(٤) الهداية وشروحها ج٧ ص ٢ـ٣
(٥) الحاشية ج٢ ص٣٩٢

<<  <  ج: ص:  >  >>