للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شواهد سد الذرائع عند الحنابلة:

قال ابن بدران في كتابه: المدخل إلى مذهب أحمد:

سد الذرائع هو مذهب مالك وأصحابه.

قال الطوفي في شرحه على مختصر الروضة قلت: إن مذهبنا أيضًا سد الذرائع وهو قول أصحابنا بإبطال الحيل، ولذلك أنكر المتأخرون منهم على أبي الحطاب ومن تابعه ـ عقد باب في كتاب الطلاق يتضمن الحيلة على تخليص الحالف من يمينه في بعض الصور وجعلوه من بعض الحيل الباطلة (١) .

وهي: التوصل إلى المحرم بسبب مباح، وقد صنف شيخنا تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية رحمه الله كتابا بناه على بطلان نكاح المحلل وأدرج فيه جميع قواعد الحيل وبين بطلانها على وجه لا مزيد عليه (٢) .

وسبق أن أكثرنا من النقل عن ابن القيم في كتابه الإعلام والذي أفاض في ذكر الأمثلة على سد الذرائع، وانتهى إلى القول: فإذا حرم الرب تبارك وتعالى شيئًا وله طرق ووسائل تفضي إليه فإنه يحرمها ويمنع منها تحقيقًا لتحريمه وتثبيتًا له ومنعًا أن يقرب حماه، ولو أباح الوسائل والذرائع المفضية إليه لكان ذلك نقضًا للتحريم وإغراء للنفوس به، وحكمته تعالى وعلمه يأبى ذلك كل الإباء (٣) .

واستدل على ذلك بتسعة وتسعين دليلًا

كما أن ابن تيمية رحمه الله: ذكر من الوجوه على إبطال الحيل أن الله سبحانه سد الذرائع المفضية إلى المحرم بأن حرمها ونهى عنها ثم قال: والغرض هنا أن الذرائع حرمها الشارع وإن لم يقصد بها المحرم خشية إفضائها إلى المحرم، فإذا قصد بالشيء نفس المحرم كان أولى بالتحريم من الذرائع (٤) .

والخلاصة: أن الحنابلة يرون وجوب سد الذرائع ويطبقون هذا على بيع الآجال وإن لم يقصد البائع الربا؛ لأن هذا النوع من المعاملة يغلب فيه قصد الربا فيصير ذريعة، فيجب سده والمنع منه لئلًا يتخذه الناس ذريعة إلى الربا ويقولون لم نقصد به ذلك (٥)


(١) المدخل: ص٢٩٦
(٢) مختصر الروضة: ورقة ٢٠٤ مخطوط؛ المدخل ص ٢٩٦
(٣) الإعلام: ج٣ ص ١٤٧ ـ ١٧١
(٤) ابن تيمية: الفتاوى الكبرى ج٣ ص٢٥٧
(٥) التركي: أصول الإمام أحمد ص ٤٦١

<<  <  ج: ص:  >  >>