للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شواهد سدد الذرائع عند المالكية:

مقدمة: إن سد الذرائع من أصول الاستنباط الفقهي عند المالكية، أعملوه في استنباطاتهم وتخريجاتهم في جميع أبواب الفقه، وفي كثير من المسائل الفقهية العملية.... وبالغوا في ذلك حتى عد بعض الفقهاء سد الذرائع من خصوصيات مذهب إمام دار الهجرة (١) .

هذا ومن أبرز تطبيقات سد الذرائع عند المالكية:

أولًا: منعهم للعقود أن تتخذ ذريعة إلى أكل الربا ومن ذلك:

-بيوع الآجال: وهي بيوع ظاهرها الجواز لكنها تؤدي إلى ممنوع.

قال صاحب الشرح الكبيرة: ومنع عند مالك ومن تبعه للتهمة ـ أي لأجل ظن قصد ما منع شرعًا سدا للذريعة ما ـ أي بيع جائز في الظاهر كثر قصده أي قصد الناس له للتوصل إلى الربا الممنوع (٢) .

ومثله فعل ابن رشد في كتابه بداية المجتهد: ج٢ ص ١٤٠ ـ ٢٠٣.

ومن أمثلة هذا البيع ما يؤدي إلى: أنظرني أزدك، جاء في الموطأ ج٢ ص ٦٧٣ قال مالك في الرجل يكون له على الرجل مائة دينار إلى أجل فإذا حلت قال له الذي عليه الدين: بعني سلعة يكون ثمنها مائة دينار نقدًا بمائة وخمسين إلى أجل؟

الجواب: هذا بيع لا يصلح ولم يزل أهل العلم ينهون عنه.

ثانيًا: منعهم لكل ما هو ذريعة إلى الإثم من باب التعاون عليه ومن ذلك:

١- منع بيع العصير لمن يتخذه خمرًا لما فيه من المعاونة على الإثم، قال تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢] ولو وقع البيع فهو باطل إن علم البائع قصد المشتري ذلك إما بقوله وإما بقرائن مختصة به تدل على ذلك.

وإن كان الأمر محتملًا كأن يشتريها من لا يعلم حاله أو من يصنع الخل والخمر معا ولم يلفظ بما يدل على إرادة الخمر. صح.


(١) القرافي: تنقيح الفصول ص ٢٠٠ الفروق ج٣ ص ٢٦٦
(٢) الشرح الكبير ج٣ ص ٧٦

<<  <  ج: ص:  >  >>