للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الحكم في كل ما يقصد به الحرام كبيع السلاح لأهل الحرب أو لقطاع الطرق أو في الفتنة وإجارة داره أو دكانه لبيع الخمر فيها أو لتتخذ كنيسة أو بيت نار وأشباه ذلك من العقود التي يحكم عليها بالحرمة والبطلان (١) .

٢- ما نقل عن الإمام أحمد رحمه الله من كراهية الشراء ممن يرخص في سلعته ليمنع الناس من الشراء من جاره، ويشبهه: النهي عن طعام المتباربين، وهما: الرجلان يقصد كل منهما مباراة الآخر ومباهاته في التبرع.

وقد رأى ابن القيم أن النهي في الأمرين يتضمن سد الذريعة من وجهين:

الأول: أن تسليط النفوس على الشراء منهما وأكل طعامهما إغراء لهما وتقوية لقلوبهما على فعل ما كرهه الله ورسوله.

والثاني: أن ترك الأكل والشراء منهما ذريعة إلى امتناعهما وكفهما عن ذلك (٢) .

ثالثًا: تحريمهم للحيل لمناقضتها لسد الذرائع:

ولذلك منعوا كل فعل قصد به صاحبه أمرًا محظورًا، والشواهد على ذلك في كتبهم تفوق الحصر، وجاء في الفتاوي: واعلم أن تجويز الحيل يناقض سد الذرائع مناقضة ظاهرة، فإن الشارع سد الطرق إلى ذلك المحرم بكل طريق والمحتال يريد أن يتوسل إليه ولهذا لما اعتبر الشارع في البيع والصرف والنكاح شروطًا سد ببعضها التذرع إلى الزنى والربا وكمل بها مقصود العقود لم يتمكن المحتال الخروج عنها في الظاهر، فإذا أراد الاحتيال ببعض هذه العقود على ما منع الشارع منه أتى بها مع حيلة أخرى توصله بزعمه إلى نفس ذلك الشيء الذي سد الشارع ذريعته فلا يبقى لتلك الشروط التي يأتي بها فائدة ولا حقيقة بل يبقى بمنزلة العبث (٣) .

رابعًا: ومن تطبيقاتهم كذلك موافقتهم للمالكية في سد الذرائع منعا للابتداع في الدين فيما يكون مشروعًا في أصله لكنه يؤدي مع الجهل وطول الزمن إلى تغيير المشروعات وقلب الأحكام وهذا الاتجاه أكثر وضوحًا في مذهب ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وصولًا إلى محمد بن عبد الوهاب الذي تنتسب إليه الحركة الوهابية وإعلانه النكير على زيارة الأضرحة وقبور الصالحين حتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم (٤) .


(١) المغني: ج٤ ص١٩٩ ـ ٢٠٠، الإعلام ج٣ ص ١٧٠
(٢) الإعلام: ج٣ ص١٦٩
(٣) ابن تيمية: الفتاوى ج٣ ص١٤٥ـ ١٢٩
(٤) أبو زهرة: ابن تيمية ص٥٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>