للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-الأدلة:

الظاهر أن عمدة الإمام مالك رحمه الله تعالى في عدم لزوم شيء إذا لم يوص بها سد الذريعة. الوجه في ذلك: أنه إذا لزمت الورثة أدى ذلك إلى أن يترك الإنسان زكاة ماله طول عمره ربما ... اعتمادًا على أن الورثة سيخرجونها بعد موته، وربما يتخذ ذلك ذريعة للإضرار بهم. وكذلك الأمر إذا أوصى بها فإنه أيضًا يتهم الورثة في توصيته إخراجها.

ولذلك تجعل من جنس الوصايا فتخرج من الثلث.

وأيضًا لو أجيز هذا لجاز للإنسان أن يؤخر جميع زكاته طول عمره حتى إذا دنا من الموت وصى بها (١) .

-حجة فقهاء الحنفية:

أن الزكاة عبادة ومن شرطها النية، فسقطت بموت من هي عليه، فإذا وصى بها كانت من الثلث كغيرها من الوصايا.

وكذلك قالوا: الزكاة وجبت بطريقة الصلة، إذ لا يقابلها عوض مالي، والصلات تسقط بالموت (٢) .

-وحجة الإمام الشافعي وأحمد رحمهما الله تعالى: قياسهما على دين الآدمي والحج، إذ إن الزكاة حق مالي واجب تصح الوصية به، فلا تسقط بموت من هي عليه كالدين، وكما أن الدين يخرج من جميع المال فكذلك الزكاة.

قال النووي في المجموع: دليلنا قوله: فدين الله أحق أن يقضي، وهو ثابت في الصحيحين. (البخاري ٣ـ ٢٤٦، مسلم ٢ـ ٨٠٤) .

وفي رواية البخاري: نعم حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيتيه؟ اقضوا الله، فالله أحق في الوفاء.

وهذا وارد في الحج فالاستدلال به معناه قياس الزكاة على الحج (٣) .

وقال ابن قدامة من الحنابلة: إذا مات من عليه الزكاة أخذت من تركته ولم تسقط بموته، هذا قول عطاء والحسن والزهري وقتادة ومالك والشافعي وإسحاق وأبي ثور وابن المنذر، إلى أن قال: ولنا أنه حق واجب تصح الوصية به فلم تسقط بالموت كدين الآدمي، ويفارق الصوم والصلاة فإنهما عبادتان بدنيتان لا تصح الوصية بهما. فعلى هذا إذا كان عليه دين وضاق ماله عن الدين والزكاة اقتسموا ماله بالحصص كديون الآدميين إذا ضاق عنها المال، بل ويحتمل أن تقدم الزكاة إذا قلنا إنها تتعلق بالعين كما تقدم حق المرتهن عن سائر الغرماء بثمن الرهن لتعلقه به (٤) .


(١) ابن رشد: بداية المجتهد ج٢ ص ٣٣٢
(٢) بدائع الصنائع ج٢ ص ٩٢٤
(٣) المجموع ج٥ ص٣٠٥
(٤) المغني: ج٢ ص ٤٦٦ ـ ٤٦٧

<<  <  ج: ص:  >  >>