للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث السابع

أثر القول بسد الذرائع

اعتبارها وعدم اعتبارها في الفروع الفقهية

لقد انبنى على الخلاف في اعتبار الذرائع والقول بسدها وعدم سدها وعلى التوسع بالأخذ بها والتضييق في اعتبارها، خلاف بين الفقهاء في كثير من الفروع الفقهية، فبينما بعضهم يحكم على تصرفات تبدر من المكلف بالبطلان والفساد ويمنع ترتب آثارها عليها، نجد الفريق الآخر يحكم عليها بالصحة والجواز ويبني عليها آثارها المعتبرة شرعًا.

بل ونجد أثر هذا الدليل والاختلاف فيه ظاهرًا في كثير من أبواب الفقه الإسلامي وسنعرض لبعض المسائل الفقهية الفرعية التي تبرز هذا الأثر:

-مات ولم يؤد زكاة ماله:

اختلف الفقهاء فيمن مات وقد وجب عليه زكاة ولم يؤدها: المذاهب:

١- ذهب مالك وأبو حنيفة رحمهم الله تعالى إلى أنه إن أوصى بها لزم الورثة إخراجها من الثلث، وإن لم يوص بها لم يلزمهم شيء.

جاء في بداية المجتهد: قال مالك: إذا لم يوص بها لم يلزم الورثة إخراجها وإذا أوصى بها فعند مالك يلزم الورثة إخراجها وهي عندهم من الثلث (١) .

وقال البابرتي في العناية على الهداية: اعلم أن من مات وعليه حقوق الله تعالى من صلاة أو صيام أو زكاة أو حج أو كفارة فإما أن يوصي أو لا.

فإن كان الثاني لم تؤخذ من تركته، ولم تجبر الورثة على إخراجها لكن لهم أن يتبرعوا بذلك.

وإن كان الأول ـ أوصى بها ـ ينفذ من ثلث ماله عندنا (٢) .

٢- لكن الشافعي وأحمد ـ رحمهما الله تعالى ـ قالا: يلزم الورثة إخراجها من جميع التركة أوصى بها أو لم يوص.

جاء في الأم: وإذا مات الرجل وقد وجبت في ماله زكاة وعليه دين وقد أوصى بوصاياه أخذت الزكاة من ماله قبل الدين والميراث والوصايا (٣) .

وقال ابن قدامة الحنبلي في المغني: ولا تسقط الزكاة بموت رب المال وتخرج من ماله وإن لم يوص بها (٤) .


(١) بداية المجتهد ج٢ ص ٣٣٣
(٢) العناية على الهداية ج٨ ص٤٦٦
(٣) الأم ج٢ ص١٣
(٤) المغني ج٢ ص٥٠٩

<<  <  ج: ص:  >  >>