من الأمثلة لسد الذرائع.
١- الاجتهاد لاستنباط أحكام الوقائع والنوازل: وهو أمر مقرر ومشروع لا ينبغي إغلاقه وسده حتى لا تبقى الشريعة بمعزل عن الحياة.
ولكن إباحته بلا قيود ولا حدود مفسدة عظيمة تؤدي إلى الفوضى.
وعليه فإن الاجتهاد الفردي في هذه الأيام مفسدة ينبغي التحرز عنها وسد أبوابها وبفتح باب الاجتهاد الجماعي كما هو الشأن في هذا المجمع الفقهي وأمثاله في العالم الإسلامي وكل ذلك منعًا للفوضى وتأكيدًا للثقة في اجتهادات العلماء المعاصرين.
٢- ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغات الأجنبية: مع ما في ظاهرها من مصلحة تعريف الناس بكتاب الله تعالى ووقوفهم على ما فيه من أحكام ومواعظ وآداب لا يجوز سدًا للذريعة التبديل والتعبير فيه، ويمكن استدراك المصالح المقصودة بالترجمة عند توفير النية الحسنة عن طريق التعريف بأحكام الإسلام وقد أثير جدل كبير حول هذا الموضوع (١) .
٣- من الأمور المستحدثة ما يجري عليه الناس اليوم من مناسبات يحتفلون بها في كل عام ويسمونها أعيادًا.... كعيد الأم وعيد الطفل وعيد الزواج ... وأخيرًا عيد الحب وما إلى ذلك. مع أن الأعياد في الإسلام محدودة في الشرع في مناسبتين خاصتين: هما مناسبة الانتهاء من أداء شعيرة الصوم ومناسبة الانتهاء من شعيرة الحج، لا يجوز إحداث أعياد أخرى تضاهي أعياد الإسلام (٢) .
مع تسليمنا مسبقًا بتعظيم الأمهات ورعاية الطفولة وأهمية الزواج وتكريم المعلم والعلم. ولنقف عند قوله تعالى: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} [البقرة: ١٣٨] .
٤- وضع التماثيل والأنصاب في الشوارع والميادين: إنها عبادة غربية تسللت إلى مجتمعنا لا يقرها الدين الحنيف لأنه من الذرائع إلى تعظيم غير الله تعالى والانحراف عن الجادة نحو الوثنية، والتي عانى الرسول صلى الله عليه وسلم أشد المعاناة في اجتذاذ جذورها من المجتمع إبان الدعوة الإسلامية.
ومن ذلك حكم التجنيس بجنسية أخرى للفرار من واجب الجندية.
وتغيير المذهب الديني للإفلات من الحقوق الثابتة عليه بموجبه. ومن ذلك تسجيل بيع العقار حتى لا يبيعه صاحبه لأكثر من واحد.
ومنها تسجيل عقود المحلات والبيوت حتى لا يحتال أصحابها على أكل أموال الناس بالباطل بتأجيرها لأكثر من واحد.
وأخيرًا تسجيل عقود الزواج بل وعدد الطلقات حتى نمنع التدليس على القضاة بهذا الشأن.
ومن التطبيقات التي تطالعنا اليوم: امتناع إخواننا أهل فلسطين من الهجرة من أراضيهم بعد أن تغلب عليها أعداء الله ... بل ومنع بيع أي منها سدًا لذريعة بسط العدو سيطرته على البلاد والعباد.
(١) مجلة الرسالة السنة الرابعة ٦٦١ ـ ٧١٧ ـ ٨٨٢
(٢) البرهاني سد الذرائع ص ٧٧١ ـ ٧٧٩، بتصرف