للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلاصة البحث

إن الشريعة الإسلامية وضعت لمصالح الخلق في العاجل والآجل فما من مصلحة أو خير إلا وأرشدت إليه ودلت عليه، بل والمتأمل في موارد الشريعة يجد أنها وضعت لرعاية مصالح الخلق ولدرء المفاسد عنهم.

وكذلك إن الشريعة مبناها الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد وكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة، كما يقول ابن القيم (١) .

هذا وإن سد الذرائع من الأصول الصحيحة التي أكدتها الشريعة بنصوصها الآمرة والناهية، وسلكتها الشريعة في جميع الأمور وفي مختلف نواحي الحياة الدينية والمدنية سواء منها ما يتصل بحياة الفرد أو حياة الجماعة، وسواء ما يتصل بسلطان الدولة أو ما يدخل في حرية الأفراد واختيارهم (٢) .

إن الأساس المنظور إليه في سد الذرائع هو كون الفعل مما يفضي إلى النتيجة الضارة التي يأباها الشارع ولو كان الفاعل حسن النية، ولذلك فإن الوسيلة لا ينظر إليها في ذاتها بل تأخذ حكم ما أفضت إليه.

إن سد الذرائع مما يدخل في باب السياسة الشرعية ويمد ولي الأمر في محيطه الواسع بسلطة يتدارك بها كل ما يمكن أن يجد من مضار اجتماعية ومشاكل عامة وخاصة بهدف تحقيق العدالة. إن الأصل في سد الذرائع ألا يؤدي تطبيقه إلى مفاسد أخرى أربى من المفاسد المتوقعة من إهماله، وإن سد الذرائع منهج في الاستنباط الفقهي للوقوف على أحكام الوقائع والنوازل، لا ينبغي إغلاقه ولا سده كما أن إباحته بلا قيود ولا حدود مفسدة عظيمة ... لذلك لا بد من تقييده وعدم اعتباره إلا إذا توفر للمجتهد نصيب معين من العلم والتقي (٣) .


(١) إعلام الموقعين: ج٣ ص١٤
(٢) الزرقا: المدخل ج١ ص ٧٣
(٣) البرهاني: سد الذرائع ص٧٧٢

<<  <  ج: ص:  >  >>